الفقهُ صناعةٌ وليس مزاجاً,
صلاح عبد المهدي الحلو
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صلاح عبد المهدي الحلو

الفقهُ صناعةٌ وليس مزاجاً,
وإعطاءُ الحكم الشرعيِّ مسؤوليَّةٌ وليس بيان رأي.
هل تخيَّلتَ مصنع سيارات الفورد مثلاً؟ في البدء كانت سيارة بسيطة,
ثم تطوَّرت صناعتُها شيئاً فشيئاً,
لعلَّ سرعتُها لا تزيد عن أربعين كيلو متراً في الساعة, ثم صارت اليوم نحو مائتي كيلو في الساعة.
وكانت عتلتها ميكانيكيةً في أول أمرها, ثم صارت أوتوماتيكية,
وصار مقودُها كهربائيَّاً وكان في السابق ميكانيكياً,
وصار فيها نظام قراءة الخرائط, وشاشة تعمل باللمس, ونظام صرف البانزين وغير ذلك مما يعرفه المختصون, من المهندسين والمصممين والعلماء في هذا المجال.
وليس لأصحاب معارض السيارات, والباعة منهم ومن غيرهم أن يُقيِّموا ميزاتها ويؤشروا عيوبها ما داموا ليسوا أهلاً لمعرفة أسرارِها.
إن عمل نحو قرنٍ من الزمان أتى بهذه التطورات الهائلة والعجيبة.
إنها الصناعة.
وكذلك صناعة الفقه, ومعاملُها الحوزات العلمية في العَالَم الشيعيِّ, وعمرها أكثر من ألفٍ عامٍ من البحث, وعشرات القرون من الجهد,
مرَّت بتجارب كثيرةٍ حتى وصلَت إلى هذه المرحلة العلميَّة من التطور الفكري.
ومن الطبيعيِّ أن لا يكون الفقه الشيعي في زمن الأوائل كالاسكافيِّ والشيخ الطوسي والمفيد كما هو في أيام حوزة الحلَّة الفيحاء على يد العلامة والمحقق وابنِ ادريس,
وليس هذا الفقه كما هو في عهده على يد الاستاذ البهبهانيِّ ثم تلامذته وصولاً إلى صاحب الجواهر والشيخ الأنصاري, حتى وصلَ إلينا اليوم عن طريق معاناةٍ فكرية, ومنعطفاتٍ علمية, ونقاشاتٍ ومناظراتٍ وردودٍ وإشكالات.
أما أن تأتي أنت لاتفرق بين القاعدة الفقهية والأصولية, ولم تدرس باب التعارض,ولا تدري أين تعمل مباحث الألفاظ وأين تكون الأصول العملية ثم تُفتي برأيك وتقول: إن أصحاب العمائم يجرون النار إلى قرصهم ليأكلوا الخمس ويستعبدوا الناس!!
معنى ذلك أنك إمَّعة مع سبق الإصرار والترصد, وكان عليك أن تعرف حجمك الفكري وأنَّك لستَ أهلاً لإبداء الرأي في قبال الفقيه المتخصص, وأن قولك ليس حجةً على نفسك فضلاً عن أن يكون حجةً على غيرك.
وقديماً قيل: رحم الله امرءاً عرف قدره.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat