صفحة الكاتب : زينب العارضي

غَسَقٌ وفَلَق
زينب العارضي

 مع حُكّامِ بني العباس باتَ الناسُ لا يعرفونَ الليلَ من النهار؛ إذ خيّمَ الحُزنُ والفزعُ على كُلِّ زقاقٍ ودار، فإمامُهم العسكري (عليه السلام) يقبعُ لمراتٍ في السجونِ المُظلمة، والطواغيتُ يتربعون على العروشِ وتبرقُ عيونُهم دناءةً وغدرًا؛ لتُترجمَ ما حوتْه نفوسُهم الخبيثةُ وأرواحُهم الآثمة.

يُطلقونَ سراحَه بعدَ أنْ يدسّوا له السُمَّ، فيفتك به الألمُ، وتفرّ من وجهِه الدماءُ ليبدوَ كلوحةٍ صفراء.

آلامٌ لا يتحمّلُها كائنٌ بشري، ولكن الإنسان الذي سطعتْ في أعماقهِ الحقيقةُ وأضاءَ طيّاتِها الوعدُ الإلهي، يتحمّلُ بعزمٍ كُلَّ أنواعِ العذابِ الوحشي..

ويرحلُ العسكريُ (عليه السلام) شهيدًا، وتضجُّ سامراءُ لهولِ المصيبة، ويرتفعُ النعش فوقَ الأنامل، بعدَ أنْ يُصدِّعَ الحُزنُ القلوب، وتهزُّ الفاجعةُ الأرواح، وفي بيته الشريف كان المثوى الأخير، إذ شُقَّ اللِحدُ للمسموم وَوُرِيَ الثرى وتفرّقَ الجماهير، وأقفرَ المكانُ خلا طفلٍ صغير، يذرفُ الدموعَ بصمتٍ ويستعدُّ لإتمامِ الرسالةِ ومواصلة المسير، إنّه ولدُه المُنتظر الذي غابَ عن أعينِ الظالمين حتى حين...

فسُرعانَ ما سينفلقُ الصُبحُ البهيّ، وتتألقُ أنوارُ الحُجةِ المهدي، إذا اقتضتِ الحكمةُ الإلهيةُ أنْ تشهدَ البشريةُ ختامَ الأحزانِ والآلام، وبزوغَ فجرِ السعادة والسلام، وفي بيتِ الإمامِ كانَ انبثاقُ هذه الأنوار، وقد قامَ الوالدُ بإخفائه عن الأنظار، وكتمَ الأخبار، إلا عنِ المُقربين والأخيار، إذ أفصحَ عن ولادتِه، وأشهدهم على مجيئه وأراهم الحُجّةَ من بعده، وأعدَّه للآتي من أيامه التي ستأتي عن قريب، بعدَ أنْ يُلبّيَ الأبُ نداءَ الربِّ الحبيب، ويرحلَ مسمومًا كجدِّه السبطِ الغريب.

سجنٌ ومِحَنٌ، طواغيتُ وفتنٌ، أيامٌ ثِقالٌ أدّى فيها الإمامُ العسكري (عليه السلام) رسالته، ومهّدَ السُبُلَ أمامَ الناسِ لاستقبالِ ولده وفهمِ فلسفةِ غيبته؛ لتكتملَ اللوحة التي رسمتْها يدُ الغيب، ويتنفّسُ الصُبحُ عن قريب..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زينب العارضي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/11/14



كتابة تعليق لموضوع : غَسَقٌ وفَلَق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net