بلد الحضارات ووزارة الثقافة
سعد العابدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سعد العابدي

من الطبيعي أن تتنافس دول العالم اليوم على الهيمنة وتصدير ثرواتها الى باقي البلدان لتدر عليها عائدا ينمي أقتصادها ويقويه، ولا نغالي ان قلنا أن ما يمثله الأرث الحضاري الفكري والثقافي والقيمي لهو ايضا من الثروات العظمى التي تعتز بها الدول وتعطيها الأهمية والأولوية ، والعراق بكل ما لهذا الأسم من ارتباط بالحضارة والقيم الانسانية النبيلة لهو من الدول العظمى التي يحتاج من يمثله أو يتكلم عنه في هذا البعد ممن هو جامع لصفات ووعي ثقافي المتميز في حضوره ليكون بحق سفيرا ووزيرا للثقافة العراقية.
فالثقافة التي هي طريقة حياة تميّز كل مجموعة بشرية عن مجموعة أخرى، ويتم تعليمها ونقلها من جيل إلى آخر؛ ولقد عرفها جون ديوي John Dewey بأنها حصيلة التفاعل بين الإنسان وبيئته، فمن هذا لابد للمثقف من حضور قوي في الساحة العراقية ولا يتأتى ذلك له الا بفسح المجال وتغليب قيم المجتمع العراقي وحضورها الفاعل فيما يمر به البلد بوجه خاص والنظام العالمي بوجه عام.
الا أن ما حصل ويحصل من تهميش أو إقصاء المثقف وتحيده عن التأثير في المجتمع، مع ظهور جمع من مثقفي السلطة قد أثر وبصورة سلبية على مستوى الوعي المطلوب، فلابد من النهوض بهذا الحمل الكبير وتأصيل الثقافة العراقية المستندة الى قيم الأصلاح والتسامح والعدالة والحرية والألتزام الأخلاقي والقيمي الذي ينشده المجتمع.
فهل من الأنصاف أن تظل وزارة الثقافة شاغرة أو ايكال مهامها الكبيرة والخطيرة الى وزير آخر بالوكالة أفهل غابت العقول الحرة والنفوس المؤمنة بحضارة وادي الرافدين عراق المقدسات والحرية حتى تُترك أهم وزارة تمثل أعظم شريحة في المجتمع فارغة ممن يقودها.
إن التحديات الكبيرة التي تمر بها الساحة العراقية تحتم على الوزارة الجديدة أن تملأ الفراغ الفكري والثقافي الذي يعانيه أبناءنا من الجيل الجديد، فالعالم اليوم يتسارع في خطاه السلوكية والفكرية والقيمية، مما جعل الثقافة تتحول بقفزة نوعية عن نطاقها الخاص إلى تابع لتكنولوجيا المعلومات ومحكومة بنمط حياة أو جماعة يحمل رموزها ومعتقداتها بل وحتى أنماط سلوكها والقيم التي تنادي بها وهو ما يعرف اليوم بالعولمة.
ومما يجب النظر اليه اليوم هول التحديات الثقافية ومنها الرقمية الجديدة التي ساهمت في ظهور إطار إجتماعي جديد بسبب تأثير التكنولوجيا المعلوماتية الحديثة والتقارب الكبير بين الامم والشعوب وانتقال ثقافات وتبادل قيم واخلاقيات لم تكن معهودة في مجتمعنا العراقي.
وعليه فإن القناعات المتولدة أزاء الثقافات الغربية أو الشرقية قد تسلخ الهوية الثقافية لهذا الوطن مما يتطلب وجود القناة الأمينة التي تساهم في فلترة ما يرد من هنا وهناك وتقنينها للمجتمع وهو مدار إهتمام وزارة الثقافة والاعلام‘ ولسوم نتكلم يوما عن الاعلام الذي يعد اليوم السلطة المؤثرة والفاعلة في بقاء وسقوط المجتمعات.
ونحن في معرض حديثنا عن الثقافة ووزارتها نحتاج من المثقف في مجتمعنا أن يكون إنسانا منصفا وواعيا يحترم إرثه الحضاري والديني والفكري كأهتمامه بالتقدم العلمي والتكنولوجي الذي يسخره لتذليل حياته وتنمية بلده وتطويره، لا أن يتنصل من ماضيه وحضارته وقيمه وأخلاقياته وينسلخ عن هويته لثقافة اخرى وهو ما لا يرتضيه رجل منصف لهوية دينه وبلده والقيم التي تربى عليها فالعراق وقيمه يستحقان منا الكثير.
ولعل من أرقى النماذج الثقافية هي ثقافة وفكر أهل البيت عليهم السلام حيث يتسم هذا الفكرالرباني بما يلي:
- قيمة الاعتدال والوسطية.
- مكارم الأخلاق والتسامح
- إكرام الانسان لإنسانية.
- إعلاء قيمة العقل والعلم.
- اثبت إمكانية تطبيقه ومواجهته لكل مشاكل الحياة والإرتقاء بالإنسان والمجتمع.
والمرجعية ببابك كنموذج ومثال يحتذى به في الفكر الاسلامي الاصيل وثقافة الاعتدال والتسامح والوطنية ، فهل لبلد وشعب لديه كل هذه المقومات الثقافية والقيمية ان يعجز عن نشر ثقافته وتعريف المجتمع الدولي بعظمة حضارته وان ينصب رجلا على هذه الوزارة قادرا على إعطاء الثقافة العراقية حقها في جميع جوانبها ووضعها المكان الأئق بها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat