صفحة الكاتب : غفران الموسوي

شهر رمضان، عبادة أم تسلية؟!
غفران الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في شهر رمضان المبارك من كل عام، تتنافس القنوات الفضائية وتعقد العزم وتنفق المليارات لتملأ الشاشات التلفزيونة بأعمال درامية منوعة بين مسلسلات وبرامج كوميدية وغنائية، وفوازير وغيرها، وترى الكثير من الناس يتملكهم الشغف الشديد لمتابعتها، حتى انهم ينتظرون عرض المسلسل الفلاني، أو البرنامج الفلاني أكثر من انتظارهم لوقت الصلاة و الإفطار،
وكأن شهر رمضان بأيامه المعدودات محطة للتسلية والترفيه، لا للعبادة والدعاء والاكثار من ذكر الله، فنحن المسلمون هل نحترم شهر رمضان حقا ؟!

وأنت تنظر الى بعض تلك المسلسلات أو الافلام والبرامج، التي يتملكك شغف مشاهدتها، تأمل فيها جيدا ، وقم بإحصاء كمية الهبوط والإنحطاط الأخلاقي والديني والسلوكي في كل مشهد من مشاهدها، لاحظ حجم الإساءة إلى المجتمع الإسلامي، شاهد كيفية الانخراط في امور تافهة لا تسمن ولا تغني من جوع، وبعد ان تنتهي من الاحصاء، شاهد أيضا كمية الجفاف الروحي الذي سينعكس عليك اثناء تأدية الصلاة أو بعض العبادت التي حتما ستؤديها وأنت مشغول الذهن، في انه كيف ستكون الحلقة القادمة؟، كيف ستكون الخاتمة؟ وهكذا
للأسف فكثيرنا لا يعلم تلك الحقائق فينتهي عنه شهر رمضان وهو غافل عن القاعدة الأساسية من مراد الله تعالى لهذا الشهر والتي جاءت في قوله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، فشهر رمضان ليس كما يتصوره العقل القاصر في كونه ثلاثين  يوما تنقضي بالامتناع عن الطعام والشراب في ساعات معدودة، بل إن  شهر رمضان هو ضوابط وشروط أفصح عنها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، لرفع المستوى الروحي والأخلاقي وتهذيب النفس والجوارح، والابتعاد عن المثبطات الموبقة فيتجسد  خلاله الأسلوب الإسلامي بشكله الحقيقي الذي دعا إليه رسول الله (ص) والأئمة الأطهار (ع).
شهر رمضان هو شهر التجارة مع الله تعالى ، وفي مثال لتقريب الصورة، فكلنا يعلم أن للتجارة مواسم محددة يتهيأ أصحابها ويستعد لحصد الربح، ويعدون العدة ويجهزون لها قبل أوقاتها، وذلك لإنهم على دراية في كونها مواسم قليلة لكنها تعود عليهم بالخير الوفير، لذا فإن أبصارهم شاخصة نحو ذلك الوقت فلا يكونوا في غفلة عنه، هكذا هي التجارة مع الله جل شأنه لها مواسم يكون الربح فيها أكثر والخير أوفر ومن بينها شهر "رمضان المبارك"، الذي ما شرع الله تعالى فيه الصيام إلا لتسمو به النفس البشرية وترفع عن المشاغل الدنيوية المؤقته، تأمل حين تنشغل النفس في كيفية اغتنام كل ساعه من نهار شهر رمضان وليله بالعبادة ، كيف تعد العدة له، كيف تجاهد لكبح شهواتها في هذا الشهر، كيف تتخلى عن الحاجات الحيوانية الدنيئة، حتما سيكون حينها الإنسان في صورة ملائكية.
فهل من المعقول بعد أن  عبد الله تعالى لنا الطريق وهيأ فرص الربح في هذا الشهر ان نحيد عنها ونلتجأ إلى ما هو دونها؟! فلا شك إن الخسران الفادح هو الجزاء.
أعلم إن الكثير ممن لايدرك أهمية وعظمة شهر رمضان سيعيب عليَّ القول، ويقول أين انتي من القول المشهور (ان لنفسك عليك حق) ، نعم أنا ايضا اقول ذلك، وأعلم ان الدين الإسلامي مع ترويح النفس،  ولكن شريطة أن يكون منسجما مع المفاهيم الإسلامية، لابد أن يكون هناك توازن بين كمية ونوعية ما يشاهد، وبين مساحة التعبد خلال الشهر الفضيل، فلا ضير في مشاهدة ما هو اجتماعي هادف يقدم معالجات لمشاكل مجتمعية أو يقدم حلولا لواقع الإنسان المسلم، فيكون عامل إصلاح وبناء ، لا هدم وتخريب.
ولا بأس في ختام الحديث ان نشير إلى حديث جامع لإهمية وفضل الشهر الكريم، لا شك حين تتأمل المعاني الواردة فيه، ستستبدل ساعات مشاهدة البرامج والمسلسلات بالذكر والعبادات،
"قال عبد الله بن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : شهر رمضان ليس كالشهور لما تضاعف فيه من الأجور هو شهر الصيام وشهر القيام وشهر التوبة والاستغفار وشهر تلاوة القرآن هو شهر أبواب الجنان فيه مفتحة وأبواب النيران فيه مغلقة هو شهر يكتب فيه الآجال ويبث فيه الأرزاق وفيه ليلة فيها يفرق كل أمر حكيم ويكتب فيها وفد بيت الله الحرام تتنزل الملائكة والروح فيها عليه الصائمين والصائمات باذن ربهم من  كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر إلى قابل فبادر  بالأعمال الصالحات الآن وباب التوبة مفتوح والدعاء مستجاب قبل : أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين"


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غفران الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/02



كتابة تعليق لموضوع : شهر رمضان، عبادة أم تسلية؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net