موضوع حول اللاموضوع
ايليا امامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لماذا عنوان المقال أعلاه غريب ؟ لأن سبب كتابته أغرب !!

  كانت العرب تقول ( ماعشت أراك الدهر عجبا ) ثم دخل الى الدنيا مارك بوجهه الشاحب فصار قولهم ( ماعشت أراك الفيس عجبا ) . 

فالعجب .. أن أرى نفسي أكتب حول أمور واضحة .. لم يخطر ببالي يوماً أنها بحاجة لتوضيح ! 
 وعلى كل حال .. فلندخل في صلب اللاموضوع : 
 
* قرأت قبل 16 سنة بعض مذكرات الشاعر الحسيني عباس الترجمان .. وأحفظ منها قصة أعجبتني وأضحكتني وأحزنتني في ذات الوقت . 

قال رحمه الله : في الأربعينات من القرن الماضي كنت شاباً .. وكانت الإنارة الكهربائية تضيئ للمرة الأولى فوق قبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام . 

وصادف موضوع الكهرباء في شهر رمضان المبارك .. وكعادة كل جديد يصير محوراً للجدال . 

* ذهبت مع والدي في ليلة من الشهر الفضيل لعيادة أحد المرضى من أهالي النجف .. فسأله والدي : شلون صحتك ؟ 
فرد عليه بصوت ضعيف : موزينه .. لو ميت ولا أشوف هاي الشغلات الغريبة الجابوها لصحن أبو الحسن .. لك هاي قبة أبا الحسن شيطلع تجيبون وتعلگون عليها ؟! 

فخرجنا منه وذهبنا لحضور المجلس الحسيني في بيت أحد الوجهاء النجفيين  .. فوجدناه يستقبل الحضور على الباب ووجهه مستبشر .. فسلم عليه والدي وقال : شلونك أبو فلان ؟ 

فقال وهو مبتسم : شلوني ؟ لوني بخير أبو عباس .. متشوف گبة علي شلون منوره بالليل .. من خان النص وتشوف ضواها . 

يقول شيخ عباس : فتعجبت من شدة التباين والاختلاف في الفهم بين هذين الشخصين .. وفي طريق العودة سألت والدي ما سبب هذا الاختلاف ودار بيننا نقاش حوله.

* لهذه القصة وأمثالها .. تعلمت أن أستوعب كل الأذواق والأفهام .. فالله خلقنا أشتاتا .. وسيبعثنا أشتاتا .. بعضنا تغلب عاطفته على عقله .. وبعضنا يغلب خوفه على شجاعته .. وبعضنا تفكيره يمسك بزمام انفعالاته .. وهكذا. 

* قد أتقبل أن بعضنا مهووس بنظرية المؤامرة حول فايروس كورونا.. فصراع الدول والشركات قد يعزز شكوكه ويعطيها بعض المنطقية . 

وقد أتقبل لهفتك وشوقك لزيارة المراقد المقدسة .. ومطالبتك بتوفير أي إجراء وقائي وعدم إغلاق المراقد. 

* لكن ما لا أتقبله .. بل ما لا أفهمه أبداً .. أن يكون لدينا بعض الأصوات _ وهي قلة قليلة _ تعترض على تعقيم الشباك الطاهر وتعتبره نوع من الهتك لقدسيته !!

* أكرر _ وأرجو الانتباه _ أن الذين يعترضون بصدق أقلية .. وقد رصدت بعض الأبواق المأجورة تعترض على التعقيم من باب الاستهزاء بالشيعة . 

ورغم كلا الحالتين .. أردت انتهاز الفرصة لأسجل هذه الملاحظة :  

أرى ان الكثير من شبابنا يثير الضجة على أمور .. ليس لأنها خطأ .. ولكن لأن الأخ العزيز مستغرب منها ولم يسمع بها من قبل . 

أحب أن أنصحك .. هناك الكثير مما لاتعرفه .. والكم الهائل مما تجهله .. وأمامك عمر طويل لتكتشف جديداً كل يوم .. فإذا لم تستوعب أنك متعلم .. وإذا قررت أن تبدي رأيك في كل جديد .. فستبقى تثرثر على مواقع التواصل حتى تموت بدون أن يكون لكلامك قيمة . 

خذ تعقيم الأضرحة مثلاً .. فأنت تحسب الإجراء الصحي إهانة .. ولا تدري أن التعقيم والتنظيف والغسل بالمواد الكيمياوية .. مستمر في المراقد المقدسة يومياً .. حتى قبل أن تولد أنت .
 

الموضوع السابق ثقافة للبيع والاخلاق هدية مجانا

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat