صناعة الاستاذ الجامعيّ
صلاح عبد المهدي الحلو
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صلاح عبد المهدي الحلو

الدكتور أحمد زكي - رئيس تحرير مجلة العربي الكويتية قبل نحو سبعين عاماً - زار الهندَ في خمسينيات القرن المنصرم, وكان تعدادُها أربعمائة مليون أو أكثر من هذا أو أقلَّ عددا, فوجيء أنَّ عدد الجامعات في الهند أقلَّ من عدد الجامعات في مصر التي تفوقها الهند من ناحية السُّكان بنحو ثلاثة عشر مرةً آنذاك.
فسأل وزير التعليم الهنديّ عن سرِّ ذلك, فأجابه الوزير الهنديُّ: أن أصعب صناعة هي صناعة الاستاذ الجامعيّ, وصناعة التعليم الجامعيّ؛ لأنهما من يصنعا القادة والعلماء والمفكرين والمخترعين في المجتمع, فكلَّما كان البلد أقلَّ جامعاتٍ كان أجودَ تعليما.
وعلَّق الدكتور أحمد زكي قائلاً: معيار الجودة في التعليم هو عدد الجامعات في البلد.
وها أنتَ ترى كانت في العراق أربع جامعات, بغداد والمستنصرية, والبصرة والموصل.
وفي عام 87 تأسست جامعات الكوفة,والقادسية وتكريت والأنبار والنهرين
ثم في الحصار - لما تراجع مستوى التعليم - صارت الجامعات أكثر عددا, ومنها جامعة كربلاء, بابل, ديالى , ذي قار, كركوك, واسط, العمارة, المثنى,
وبعد سقوط النظام - وفي ظلّ المستوى التعليمي المتردي وخروج العراق من قائمة اليونسكو - تأسست جامعات سومر, المثنى, ميسان,القاسم, الفلوجة...حتى وصل العدد النهائي إلى 85 جامعة حكومية و45 جامعة وكلية أهلية،[ وأكاديمية واحدة للشرطة. إلى جانب جامعة تابعة إلى وزارة الدفاع وأخرى تابعة إلى وزارة الداخلية وجامعتين تابعتين لكل من الوقف السني والوقف الشيعي.
ولا شكَ أنَّ تهيئة أساتذة علماء لهذا العدد من الجامعات شبه مستحيل وهذا ينعكس على صورة التعليم الجامعيّ؛لأنه سيدرّس فيها كلَّ من هبَّ ودبَّ.
فبالتالي أن فشل التعليم الجامعي ذريعٌ فضيعٌ, والشاهد ماترى من بغض طلبة الجامعات للدوام وهو السرُّ وراء خروجهم بأعدادٍ هائلة في المظاهراتِ, وفي المستقبل القريب سيخرج لنا شبه طبيب, وشبه مهندس, وشبه كيميائي, وشبه عالِم, وهكذا..
ولكن كلُّهُم ليس بطبيبٍ ولا مهندسٍ ولا كيميائي, ولا عالِم وهكذا.
حين تُخرِّج الجامعاتُ جاهلاً مركَّباً فاقرأ على مستقبل البلد العلميّ السلام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat