العبَّاسيون الجُدد.
صلاح عبد المهدي الحلو
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صلاح عبد المهدي الحلو

ثار العبَّاسيون على الأمويين رافعين شعار الرضا من آل محمد - صلى الله عليه وآله - ثم طغوا وتجبَّروا في الأرض, وإذا كان الأمويون سمَّوا الإمام الحسن وذبحوا الإمام الحسين - عليهما السلام - ثم ثلَّثوا وربَّعوا بالإمامين السجاد والباقر عليهما السلام, فإنَّ العباسيين بدأوا قائمة الدم بمنحر الإمام الصادق عليه السلام ليتلوه أئمة الهدى الكاظم, والرضا, والجواد, والهادي, والعسكري عليهم الصلاة والسلام.
وإذا رمى يزيد الكعبة بالمنجنيق,فإن المتوكل حرث قبر الإمام الحسين عليه السلام وهو أعظم من الكعبة.
ولقد قال الشاعرُ مترحماً على أيام الأمويين
يا ليتَ جوْر بني مروان عاد لنا *** وكان عدلُ بني العباسِ في النار.
كما يقول الناسُ اليوم (علة واه على أيام صدام).
الأحزاب الإسلامية الشيعية كافة - بلا استثناء - هي الأخرى دعت - ولو من طرفٍ خفيِّ - إلى نصرة المذهب, وأعترف أنني انتخبتُ في جميع المرات السابقة على أساسٍ مذهبيِّ لا أريد لغيرنا ولا للبعث أن يحكمنا مرةً أخرى, فتمشي معاملة عبد القاهر في الدوائر, وتُرمى بمعاملة عبد الحسين عرض الجدار.
ولكن الذي حدث أنَّ عبد الحسين صار يرمي معاملته وراء ظهره ويمشي بمعاملة عبد القاهر, يصعد على أكتاف الشيعة ويخدم أبناء العامة من تكريت والانبار وصلاح الدين والموصل وغيرهم.
والرجاء أن لا يرميني أحدٌ بالطائفية, فلقد خدمت خدمة العلم أيام صدام ورأيتُ طائفية البعث بعيني في تكريت وكركوك والموصل على قدمٍ وساق, وكيف إذا انزعج الضابط التكريتي أو الاعظمي تسلَّى بمواطنه من أبناء البصرة والنجف وكربلاء بالضرب حيناً, والسخرة طوراً ,والسخرية أخرى, فمن سمع بها فقد رأيتُها.
كُنَّا نعتقد عندما قامت الحرب العراقية - الإيرانية أن السيد الخميني - قدس سره - هو من يخلصنا من صدامٍ أيام الحرب, وكانت كل حربٍ ينتصر بها الجيش العراقي خصوصاً بعد معارك الفاو ونهر جاسم تُضعف هذا الأمل, حتى تجرع السيد -قدس سره - كأس السم بقبوله وقف إطلاق النار, وتجرعها شيعة العراق ممن يدينون بمنهجه معه, غصةً بعد غصة.
ودخل صدامٌ الكويت, فقلنا اما أن يهزم صدامٌ أمريكا فيذل الشيطان الأكبر, واما أن تهزم أمريكا صداماً فيسقط الطاغية, ولكن الذي حدث لم يسقط صدامٌ ولم تُهزم أمريكا, وبقي شيعة العراق يُعانون من حصار العالم وطغيان صدام وظلم أمريكا.
ثم بعد ذلك قامت الانتفاضة الشعبانية وكان الأمل بالسيد محمد باقر الحكيم قدس سره وقوات بدر, ولكن أمريكا هددت بضربهم لو دخلوا الحدود, وكانت ايران الثمانينات ضعيفةً ليست كإيران اليوم, خرجت للتو من الحرب تلملم جراحها وتُعيد بناء دولتها,فلم تسمح للسيد الحكيم بدخول العراق في مواجهة تحالفٍ من أربعين دولة يفوقه ويفوقها عدداً وعدة.
وفي المقابل سمحت امريكا لصدامٍ بأن يستخدم طائراته السمتية لضرب الانتفاضة, فضرب النجف بالصواريخ, وقصف المراقد بالطائرات, ودفن عشرات الآلاف أحياءً ما بين النجف وكربلاء والكل يذكر قصة فندق السلام, وكم قُتل فيه من الناس.
ثم بقي الناس يُعانون العسف, محرومين من ممارسة شعائرهم الدينية خمساً وثلاثين عاماً حتى جاء بوش الابن فأزال الطاغية ومارست الناس شعائرها تحت بنادق الاحتلال الأمريكي,
والخلاصة من مثَّل المذهب لم يستطع إنقاذ شيعة العراق من الطاغية, وانقذهم الله تعالى بشرار خلقه, وان الله تعالى يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر,
كلامي لمن أُصيب بخيبة أملٍ نتيجة التحالفات الأخيرة يظنُّ أن هذه الأحزاب تمثل المذهب, لا يا صديقي هؤلاء العباسيون الجدد, سرقوا المذهب وجعلوه جسراً للثروة والمنصب, وإذا أراد الله نصرة المذهب فليس بالضرورة ان يكون على يد هذه الأحزاب,ولا على يد رئيس هذه الكتلة أو تلك, ولا بتخطيط تلك الدولة أو هذه, فالله أهلك فرعون ببعوضة دخلت أنفه,وأزال ملك سليمان بنملةٍ تأكل عصاه, وخرَّب سدَّ مأربٍ بفأرة, ودلَّ على قوم بلقيس بهدد,وهو أمكر الماكرين.
أشهدُ أنه انقطع حبل الأمل منهم, وانفصمت عرى الرجاء بهم,ولم يبق إلاَّ رحمة ربك,فهي خيرٌ مما يجمعون.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat