وقفات في ذكرى رحيل السيد محسن الحكيم ( قدس سره )
صلاح عبد المهدي الحلو
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صلاح عبد المهدي الحلو

في مثل هذه الايام ركب على جواد المنية الامام السيد محسن الحكيم قدِّس سره ,في سفره الابدي إلى جنان الخلود ,
لقد أحببتُ هذا السيد - الذي كانت وفاته قبل ولادتي بسنتين - رغم إني لم أره لشدَّة ما أحبَّه الذين من حولي,حيث كانت العائلة الكبيرة الاجداد والجدَّات منقسمين في التقليد بين الايتين العظميين السيدين العلمين المحسن الحكيم وابو القاسم الخوئي أعلى اللهُ مقامهما ,هذا الحب الذي سرى في الدم ,ونمى في العظام ,واكتنز في اللحم ,أدين الله تعالى به ,واعتبره طاعة وعبادة ,لايغيره أحد ,ولاتزلزله براكين الشكوك ,او تزعزعه عواصف الشبهات,ولا الجولات في الدهاليز المظلمة التي لايعرف أصحابها النور.
السيد قدِّس سره له كتاب (المستمسك في شرح العروة الوثقى) هذا الكتاب الذي حيَّرت عبارتُهُ الشيخَ محمدَ جواد مغنية لدقتها وعمقها وسبكها العربي المبين ,وفي اعتقادي الشخصي ,إن كان لمثلي اعتقادٌ في مثل هذه الامور انه لاتوجد دورةٌ فقهية بعبارة متينة عربية كمثل هذه الدورة التي هي بحق - تاج الدورات الفقهية المعاصرة على مفرق الفقه الشيعي الحديث.
لقد أستخار السيدُ الحكيمُ قدس سره اللهَ تعالى في أن يُسمِّي دورته هذه باسم ,فخرجت كريمة قوله تعالى (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) فاسماه (المستمسك في شرح العروة الوثقى)
فالكتاب (المتن) المشروح هو العروة الوثقى ,
والمؤلف هو السيد محسن الحكيم.
وأيُّ اسلامٍ وانقياد أكبر من التعبَّد بنصوص القران والعترة ,والكتابة فيهما ,وان يصل هذا الاسلام والانقياد إلى درجة أن يكون اسم هذا الكتاب لله الخيرة فيه؟
وهل من المصادفة ان يكون الكتاب المشروح في عجز الاية الشريفة ,واسم شارحه في صدرها؟
ولكن من المؤسف حقاً ان يُطبع الكتاب طبعاتٍ غير محققة ,لاتليق بالمؤلِّفِ والمؤلَّف ,مع ان فيه زيادات جديدة تبعا لتغير رأي الشارح كما في قوله بطهارة الكتابي بعد القول بنجاسته ,لم يُشر اليها ناشر الكتاب بانه تغير رأيه فيها,وبعد أن طُبعت بعضُ أجزائه محققة لم تكن بذاك المستوى من التحقيق,ولا المقدمة بذاك المستوى من التعريف,وكأن الأول صُنع على عجل,والثانية لم تُكتب على مهل.
جديرٌ ذكره ,ان السيد محسن الحكيم ,كان مستودع سرِّ السيد محمد سعيد الحبوبي قدس سره ,وخاتمه بيده ,وشارك معه في الجهاد ضد الانكليز قبل مئة عام تقريباً ,ويبدو انه درس العرفان كما يلوح من تعليقة السيد الترحيني على كتاب الطهارة من اللمعة الدمشقية ,كل هذا ويأتي من يقول لك ان السيد كان بعثياً مع ان البعث أعدم أولاده,أو ان اولاده كانوا شيوعيين مع انه قدس سره افتى بحرمة الشيوعية ,ولكن مما يهون الخطب ان كل عمليات تشويه سمعة هذا السيد المظلوم منذ ان حارب البعث ,الى ان افتى بطهارة الكتابي ,الى ان رموه بالتخاذل كما يقول بعضهم ,كل هذا التشويه كان بعين الله تعالى ,وله في ذلك اسوة بأجداده الطيبين الطاهرين عليهم السلام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat