لمْ أخرُج أشِراً ولا بَطِراً
نسيم الحسناوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نسيم الحسناوي

أقف عاجزاً تتعثر حروفي حينما أنوي الكتابة عن الحسين فالأحقر كيف له أن يصف سيده وسيد الإنسانية، لكن لابد من بعض السطور الخجولة، عسى أن تنفعني يوم اللقاء .
لم يكن خروج الحسين بن علي عليه السلام إنسحاباً أو هرباً من البطش والتنكيل، ولم يكن موقفاً انهزامياً للتنصل أو التخفي، بل أراد الحسين أن يجعل من مقتله مواجهة حقيقية تتجلى أهدافها على أسنَّةِ الرماح، وأراد للسيوف أن تقطر مبادئ ممتزجة بالدماء الزاكيات، لم تكن ثورته عليه السلام ترف فكري أو حباً للظهور، بل كانت تجسيداً للحق المغيب في الوقت الذي يجب أن يكون حاضراً فيه وبقوة .
كان بإمكان الحسين أن يعقد صفقة سياسية مع الخصم، وأن يبرم اتفاقات حول اقتسام السلطة، كان تحقيق المكاسب أمراً هيناً، لكن لو كان ذلك لما كان الحسين اليوم بهذه المنزلة ولزال سلطانه واندرس أثره، لكنه عليه السلام جعل يختار أصحابه ورفقاء دربه بدراية ووفق معايير لابد من توفرها، لأنه من بناة الدولة وهي دولة الإسلام والعدل الإلهي، وليس من دعاة السلطة التي تقوم على أسس واهية تميل بها الريح أينما مالت، لم يشأ الحسين أن يكون جزءاً من عالم فاسد أولى مهامه الإطاحة بالدين والقيم والثوابت، فكانت الخيارات إما النصر والإصلاح الحقيقي وإما الشهادة وكتابة التأريخ بالدم.
لم تكن الاتفاقات السرية المشينة حاضرة في قضية الحسين، وأريد لهذه القضية أن تكون نبراساً للسائرين، رفض الظلم والفساد هي أولى المتبنيات فيها، بل الثورة ضد الوضع القائم هي من الأولويات، وعدم ترك الفساد يستشري في الدولة الإسلامية، فكانت الثورة الضربة التي قصمت ظهر حكومة بني أمية المنحرفة.
لم تكن العمالة للأجنبي والمحتل موجودة في قاموس الحسين بغية الحصول على سلطة منقوصة تخضع لرغبات اراذل الروم وغيرهم، حيث أرادها مسيرة إسلامية حقة، فلم يُجرِ الحسين إتصالات ومفاوضات وتقديم تنازلات والإستعانة بعصابات خارجية أو داخلية، لغرض الحفاظ على وضع معين أو خلق أوضاع معينة، ولم ينأى بنفسه في قصور تحيطها الأسوار والقلاع، بل كان هو المجاهد الأول والمحارب والفارس والقائد والمخطط، ولم يسفر أبناءه خارج البلاد بحجج شتى، بل قدم أبناءه واخوته وأبناء عمومته أمامه، وحملهم شهداء روت دماءهم الأرض لتنمو بذور ثورة شجت غبار التاريخ لتعيش أبد الدهر، لم يعرف المساومات على حساب الرعية ومصالحها، بل كان ثائراً من أجل أن تعيش الرعية في عز وكرامة دون امتهان .
على كل من يدعي نفسه حسيني الهوى أن يقف طويلاً أمام ثورة الحسين عليه السلام ونتائجها التي خلت من أي سلبية ولم تنتج إلا الهدى، فعسى أن ينفع ذلك ساسة العراق وشخصياته ليهتدوا به.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat