لا يخفى ما للتيار الصدري من ثقل شعبي فاعل في الساحة العراقية، وبوصفه ذا طابع ديني فإن ثمة علاقة اتسمت بالتذبذب بين هذا التيار والحوزة العلمية في النجف الأشرف يرسم خارطتها موقف زعيم التيار السيد مقتدى الصدر- وهو رجل حوزوي ومن عائلة حوزوية عريقة - ومنذ سقوط الصنم البعثي في 2003 برز السيد الصدر قائدا لشطر كبير من تركة أبيه الشعبية، ولا يخفى المواقف التي صدرت منه وقادة تياره تجاه المرجعية والحوزة في النجف الأشرف على الرغم من أنهم جزء منها، إلا أنهم ساروا بوجهات نظر معادية، وما لبثت المواقف السلبية للتيار الصدري أن بدأت تجنح للاعتدال في السنتين الأخيرتين وقل هجوم أتباع السيد مقتدى الصدر على المرجعية، بل تحول بعضهم لمدافعين بشدة، وهذا نتيجة حكمة المرجعية واحتوائها للمواقف، والكلام يطول شرحه.
ويبدو أن اتجاه التيار للاعتدال في مواقفه والتصالح مع الحوزة الشريفة لم ترض بعض الأطراف من داخله وخارجه، فأخذوا يسعون من جديد لدق إسفين الفرقة والعودة لمربع القطيعة الأول، فبين اتجاه داخل التيار مازال شغوفا بعداء المرجعية والحقد عليها يمثله أسعد الناصري العظماوي ومن لف لفه من رؤوس الفتنة، وجهات من خارج التيار تكن له وللمرجعية وحوزة النجف الأشرف العداء، وتسعى لاستغلاله في ضرب المرجعية والحوزة فتضرب بذلك عصفورين بحجر الفتنة الذي ما فتئت تقذف به، وبعد عدم نجاح الفتنة التي أثيرت قبل أسابيع حول بعض أساتذة الحوزة الشريفة والبيان الصادر من مكتب السيد الصدر بحقهم، يسعى الفتنويون اليوم لجر السيد مقتدى الصدر وأتباعه لقطيعة جديدة مع الحوزة تتمثل بالموقف من لقاء السيد علاء الموسوي رئيس ديوان الوقف الشيعي بالسفير الأمريكي ومستشار السفارة البريطانية في بغداد، وهنا ثمة نقاط ينبغي التأمل فيها:
1. اللقاء حصل قبل أكثر من خمسة أشهر فما الذي ذكر صاحب الاستفتاء الموجه للسيد الصدر به؟ ولماذا يثار هذا الموضوع الآن؟
2. السفير والمستشار زارا الوقف بوصفهما ممثلي دولتين لكل منهما سفارة في العراق، وليسا ممثلين لاحتلال، فالاحتلال قد انتهى رسميا.
3. السيد علاء الموسوي استقبلهما بصفته الرسمية موظفا في الحكومة العراقية، وليس بصفته الحوزوية، وليس لائقا أن يرفض موظف في دولة استقبال سفير دولة معتمد رسميا لدى حكومته، ولاسيما إذا كانت الدولة ذات ثقل عالمي كبير ومؤثر، ولنتصور حجم الإحراج والضرر الذي يسببه رفض الاستقبال للحكومة العراقية، ونحن في هكذا ظروف صعبة ينبغي التخفيف من الأزمات لا افتعالها.
4. الموضوع الذي دار هو مشروع تسليح السنة والأكراد الذي طرحه الكونگرس الأمريكي، وأبلغ السيد الموسوي اعتراضه ورفضه للموضوع، وهو موقف يقع في خانة الرفض لا الود والخضوع.
أخيرا أرجو من الأعزة في التيار أن يكونوا أكثر وعيا وحذرا من مخططات من يريدون بهم وبنا الأذى. |