• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : نَوْحٌ هي الدُّنيا .
                          • الكاتب : د . سعد الحداد .

نَوْحٌ هي الدُّنيا


 في رثاء شيخ المفهرسين العراقيين الدكتور صباح نوري المرزوك:


أَرثيكَ أم أَرثي النُّفوسَ ضِياها

ياراحلاً أورثْتَ روحِيَ آهـا

ماليْ أُودِّعُ للغَريِّ قوافلاً

تَسْري الأحبَّةُ خِلْسَة ً لخِباها

هذي الأحبَّةُ قَدَّتِ الأفراحَ من

قُبُلِ الهوى ، وتلفّعتْ برَداها

حتى شَبِعْتُ من البكاءِ مدرّةً

للدمعِ يهمي كالزفيرِ حَشاها

ألمَاً يطوفُ على الجفونِ بحُرقةٍ

فَيَسِحُّ حُزناً للفراقِ بُكاها

وابتلَّ لبُّ الرُّوحِ من ضيمِ الجَوى

وتفطّرتْ ذوبَ الأسى أحشاها

لم أرتوِ بعدَ الغيابِ مسرّةً

وغدتْ تئنُّ الروحُ فرطَ جواها

بمصائبٍ يَرْعَفْنَ من مُهَجِ المنى

وقساوةٍ يردي القلوبَ أذاها

وتصاعدتْ أنفاسُها نزَّاعةً

تغتالُ من حيواتِنا أزكاها

وزَّعتُ أحزاني تَجَاذُبَ لوعةٍ

فتناهبَ العُمْرُ الذليلُ رِداها

حتى استقامتْ في المدى أَيْقُونَةً

تحكي الرَّزايا وحشةً وفناها

وتلوكُ بالنَّفسِ الجريحةِ أدْمُعٌ

حــرَّى لفقد أعــزَّةٍ وسَناها

الحزنُ خيَّمَ والنهاراتُ الرَّدى

تمتصُّ من جُرحِ القلوبِ دِمَاها

ومن اللهيبِ تصدَّعتْ أوتارُها

فأحالَ رونقَها ضَنىً فَبَراها

لم تَصْفُ للمرء ِالصَّبورِ هَناءةٌ

فحياتُهُ لا يُستطابُ هَـناها

تجري المقاديرُ الجسامُ قواصفاً

يَعْصِفْنَ بالخطبِ الجليلِ مُناها

إيهٍ صباحٌ ، ما الدُّنا براقةٌ

وسراجُ صَحْبٍ زيتُها أطفاها

أبكيكَ جُرحاً غائراً وجوانحاً

طوتِ الضُّلوعَ سَواغِباً بدُجَاها

فرحيلك المرُّ الشقيُّ مَضاضةٌ

خَنَقَ المُنى والأمنياتِ عَزاها

ياوالدَ الفحلِ المؤمّلِ عامرٍ

أورثتنا حُرُقَ النَّوى ولظاها

عجَّلتَ بالهِجرانِ غيرَ مودِّعٍ

والهَجرُ في عُرفِ الصَّباحِ مَتاها

لك من طموحك جذوةٌ ذَبُلتْ أسىً

لكأنَّها علِمَتْ بقرب ِ نواها

فتبعثرتْ أحلامُكَ الخضراءُ في

حُلُك الغيابِ صدىً وزاغَ نَداها

كنتَ المُرجّى في الرُّبوع أدلّةً

ودليلُ معرفةِ الحياةِ فَتاها

لك في ميادينِ الثقافةِ ثروةٌ

طوعَ البنانِ منابراً ترقاها

ومن التآليفِ النَّوادرِ واحةٌ

زهراءُ فاتنةٌ يفوحُ شذاها

أَلِفَ الصباحُ مدادَ كلِّ مؤلَّفٍ

هو والمطابعُ لِحْمَةٌ وسُداها

يشتمُّ عن بُعدٍ ولادةَ مُنْجزٍ

ويطيرُ من فرحٍ يحوزُ ضياها

ملكَ القلوبَ محبَّةً وبساطةً

وروى النَّفوس ندىً فكان قِراها

يمتدُّ سيبُكَ نافحاً بربوعنا

ويُضِيءُ أفئدةً تحثُّ خُطاها

خلّاً فقدتُكَ مُحْكِمَاً لوِدادِنا

وودائعُ الأحزانِ ما أقساها

خلّاً فقدتُكَ ياصباحُ ومؤنِساً

والصَّبرُ بعضُ الصَّبرِ يُطفيءُ آها

خلّاً فقدتُكَ والفراقُ مُصِيبُني

نَوْحٌ هي الدُّنيا ونحنُ صَداها

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=42535
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 02 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13