خط الشهادة في فكر الشهيد الصدر
د . محمد الغريفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد الغريفي

قال اللَّه تعالى في الذكر الحكيم: «فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ امَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤلَاءِ شَهِيداً»(النساء: 41).
يرى السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) بأن المراد من كلمة (الشهيد) الواردة في العديد من آيات القرآن الكريم: (هو أن يكون الشهيد مشرفاً ورقيباً على الامّة، وتفرض هذه الرقابة عليه أن يتدخّل لإعادة الامور إلى نصابها إذا انحرفت عن طريقها الصحيح إسلامياً وتزعزعت المبادئ العامة لخلافة الإنسان على الأرض)( الإسلام يقود الحياة، ص160).
ذكر القرآن الكريم ثلاثة أصناف من الشهداء، وهم: (الأنبياء، والأئمة والفقهاء)، في قوله تعالى: «إنّا أنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبيُّونَ الَّذينَ أسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادوا وَالربّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ»( المائدة/44)، والمراد من النبيون هم الأنبياء، والربّانيّون هم الأئمة، والأحبار هم الفقهاء علماء الشريعة.
والشروط اللازم توفرها فی الشهداء (الأنبياء والأئمة والفقهاء)، قد ذكرتها نفس الآية:
1- شرط الفهم واستيعاب الرسالة السماوية والحفاظ عليها، في قوله تعالى: «بِمَا اسْتُحفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ».
2- القيادة المیدانية على الآمة، من خلال النزول للمجتمع والقیام بمسؤوليتهم القیادية في إعطاء التوجيه بالقدر الذي يتّصل بالرسالة وأحكامها ومفاهيمها، كما في قوله تعالى: «وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ».
وعليه يكون الشهيد مرجع فكري وتشريعي من الناحية الإيديولوجية، ومشرف على سير الجماعة وانسجامه إيديولوجياً مع الرسالة الربّانية التي يحملها، ومسؤول عن التدخّل لتعديل المسيرة أو إعادتها إلى طريقها الصحيح إذا واجه انحرافاً في مجال التطبيق. هذا هو المحتوى المشترك لدور الشهداء بأصنافهم الثلاثة (الإسلام يقود الحياة، ص 137).
یتجسد الدور السياسي لخط الشهادة في القيادة الربانية للأمة، وتتمثل القيادة الربانية بالأنبياء والاوصياء والفقهاء، ويكون دورها هو دور النيابة عن الله تعالى في توجيه وتربية واصلاح الأمة. ویتجسد دور الأمة في تشخيص القائد الرباني ومن ثم طاعته، وكلاهما يتعاونان من أجل تجسيد مفهوم الخلافة بأمثل مصاديقه، ولا يمكن لأحدهما الاستغناء عن الاخر.
الله تعالى هو المحور والأصل والفاعل الأساسي في حركة الاستخلاف وفي حركة المستخلف وهو الانسان الذي يمثل الاساسين وهما: الخليفة والشاهد. وهذا ما أشار إليه السيد الشهيد الصدر (قدّس سرّه): (وضع الله سبحانه وتعالى الى جانب خط الخلافة ـ خلافة الإنسان على الأرض ـ خط الشهادة الذي يمثل التدخّل الربّاني من أجل صيانة الإنسان الخليفة من الانحراف وتوجيهه نحو أهداف الخلافة الرشيدة)(الإسلام يقود الحياة، ص135).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat