صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

السبية قد تحررت
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في غفلة من الحراس وتعاون جيرانها, هجم المتربصون على دارها واقتادوها سبية يتنازعوها بينهم, وضعوا القيود في يديها وقصوا جدائلها, وجالوا بها في البلاد يتباهون بما ملكت أيمانهم .

أيامها التي كانت ربيعا تعطره روائح الزهور, أصبحت خريفا قاسيا, وليالي شتائها صارت طويلة تكاد لا تنتهي, ويإست من رؤية الشمس تشرق عليها, فقد مرت عليها ثلاث سنين عجاف, يتلاقفها الغرباء في سوق النخاسة, يتباهون بكنزهم الثمين الذي حصلوا عليه.

ثلاث سنين مرت, وهي تنتظر سماع صوت إخوتها, القادمين لتحريرها وفك أسرها, فقد كانت متيقنة أن إخوتها, الذين يسكنون أهوار الجنوب وبيوت الصفيح وغرف الطين, لن يغمض لهم جفن وإختهم مسبية, فما عهدتهم إلا أباة للضيم وأصحاب كرامة, لا يسكتون على ذل أو إهانة .

فهب رجال كالأسود, حفاة أباة عروا صدورهم للرصاص, لا يرهبهم موت ولا يمنعهم حر لاهب أو برد قارس, ثابتون في إيمانهم راسخون في عقيدتهم, ما هانوا وما استكانوا, أطبقوا الليل بالنهار نحو وجهتم, على الرغم من قلة الناصر وتكالب الأعداء, فكانوا كالسيل الجارف, يقتلع عروش الظالمين .

فتسابق المجاهدون شيبا وشبابا, نحو طريق المجد ورفع الظلم وإعادة ما سرق, يحثون المسير بخطا ثابتة, عشقوا السواتر فاحتضنوها بصدورهم وخضبوها من دمائهم, لم يكلوا أو يملوا ولم يتملموا, يطربون لصوت الرصاص ويستأنسون بالمعارك الضارية, لم ترهبهم قوة عدوهم ولم يرهقهم بعد السفر وطول المسافة, فلم يكن لهم طلبة إلا النصر أو الشهادة .

وهكذا استمر الرجال في المسير, نحو المسبية التي تنتظرهم, فقد طال الفراق ومرت عليهم أيام وليالي, يصارعون أعتى قوة بربرية, حولت النهار الى ظلام دامس يكاد لا ينتهي, رملت النساء وسرقت البسمة من شفاه الأطفال, والأمل من قلوب شبابه, ولكن عزم الرجال لم يلن, وهمتهم لم تفتر, وكيف ينام الحر ويغمض له جفن, والسكين مغروسة في خاصرة الوطن .

وهاهم الأبطال يدخلون الموصل, فاتحين محررين الأهل والعرض والوطن, مخضبين أرضها بدمائهم, ويحتضنوها بأذرعهم السمر, ويضموها الى صدورهم التي اشتاقت إليها, لتحتضنهم وتشم رائحة عرقهم الذي لم ينشف بعد, وتسكب دموعها على أكتافهم, فقد تحررت السبية وعادت الى أهلها, مرفوعة الرأس عالية الهامة .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/11



كتابة تعليق لموضوع : السبية قد تحررت
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net