صفحة الكاتب : علي الحسيني

فتوى الإنسانية وعمقها المقدس.
علي الحسيني

  أستيقظ وطن على شيء من بقاياه، قد نهشت ثلثه كلاب داعش في ليلة وضحاها، في ذلك اليوم المشؤوم، حيث ضجيج الشوارع قد أختلط بأصوات الثكالى، وبلغت القلوب الحناجر، وتلاشت عساكر وفرق، من جيوش الزعيم المنهزم، وسقطت الرجال، وهَمَّ وطن بالرحيل، هنالك نطق النجف، فهب الرجال لنصرة الإنسانية. 
   بعد أن انطلقت الفتنة الداعشية مثل النار في الهشيم، مدعومة بالانكسار المادي والمعنوي لدى المقاتلين، وعجز حتى أكثر المتفائلين عن إيجاد الحلول، جاءت الفتوى المقدسة بالجهاد الكفائي، فهب الرجال لنصرة الوطن، وكعادتهم ابناء الجنوب، أول الملبين، أهل التضحية والإيثار، رجال المرجعية والوطن، انطلقوا بقوة نحو ميادين الفداء، جحافل من الرجال، شباب وشيوخ، استجابوا لنداء المرجعية، لا يخشون الموت، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، يتسابقون نحو المنية، فتقهقر داعش وارتدوا خاسئين.
   انطلق الحشد الشعبي، ذلك المولود الطاهر للفتوى المقدسة، ليحفظ الأرض والعرض، ولتطمئن به نفوس قد أخذ منها اليأس كل مأخذ، ولتعود عجلة الحياة بالدوران مرة أخرى، بعدما ظن البعض أن بغداد أصبحت بيد جرذان داعش، وأن دخولها بات قريبا، من قبل هؤلاء الإرهابيين، ولكن بتلك الفتوى العظيمة أنتهى كل شيء، وبدأت قواتنا العسكرية الباسلة، من جيش وشرطة اتحادية، تستمد العزم والعقيدة من جنود المرجعية الرشيدة، من الحشد المقدس الذي أصبح ملهماً، كأنه نبض عاد في قلب وطن جريح.
   انتشر هذا الجيش العقائدي، في طول المناطق التي سقطت بيد داعش وعرضها، ليقدم اروع صور البطولة والفداء، ففي وسط تلك المناطق التي قتلت الآلاف من أبناء الجنوب، بدم بارد، وبمؤامرة تقودها عشائر تكريت، حيث قامت بخداع جنود قاعدة سبايكر وتم تسليمهم إلى داعش ليقتلون صبرا، في مجزرة قد لايشهد لها التاريخ مثيلا، هناك تماما في كل ذلك الغدر والنذالة الداعشية، نجد الحشد الشعبي ينقذ الأطفال، يستر النساء، يأوي النازحين، يطعم الجائعين، فقد صدق من أسماه بحشد الإنسانية.
   نحن الآن ليس بصدد ذكر التضحية التي قدمها هؤلاء الأبطال لوطنهم، ولسنا بصدد ذكر تلك الدماء الزكية التي سالت على تراب الوطن، إنما أردنا التحدث عن العمق الإنساني لهذه الفتوى الشريفة، فبعد كل الغدر والقتل الداعشي، وبعد الخيانة من تلك العشائر التي باعت شرفها لهؤلاء المتحجرين الاعراب، نجد المرجعية توصي أبنائها وتقول.
الله الله بأهلكم وأخوانكم في تلك الديار، لاتأخذكم الحمية فتقتلوا بريئا، لا تقتلوا إلا من يقاتلكم، لا تنتهكوا الحرمات، وقروا الشيخ الكبير، وارحموا الطفل الصغير، والله الله بالنساء، فحافظوا على سترهن وليكونوا بمقام أهلكم بل أشد من ذلك فأنهم بمقام الأسير الضعيف، وهم بريئون من أعمال داعش، قد أبعدوا عن ديارهم وتعذبوا وذاقوا الذل والهوان، فأكرموهم واقتسموا معهم المأكل والملبس والمأوى، حافظوا على اموالهم، ولا تقطوا شجرة.
   هنا سأتوقف فقد نقلت لكم جزء بسيط من وصايا المرجعية لأبنائها في ساحات الجهاد، ولو يوجد هناك منصفون لكانت هذه الوصية منهاجا في الأمم المتحدة، فالسيد يفكر برحمة حتى بشجرتهم فهو لا يريد قتلها، وهم قتلوا وأهلكوا الحرث والنسل، هذا هو الدين القويم هذا الإسلام وليس دين داعش، هذه الإنسانية التي لم يفهما كل العالم، لا أوصي داعش بتعلمها فهؤلاء من فصيلة الحيونات، لكن أوصي الغرب وأوربا بتعلمها فقد تأخروا عن معرفة الإنسانية كثيرا، وقد شاركوا بقتلها فهم قد صنعوا داعش فكانوا جزءا من القتل والدمار.
   شاهد العالم أجمع بأن الإرهاب بدأ يندحر ويتلاشى في كل المناطق التي كانت تحت سيطرته، في هذه الحرب الضروس التي استمرت ثلاث سنوات، بكل ما فقده الوطن من آباء وأبناء وأحبة ضحوا بدمائهم الطاهرة لأجل هذا الوطن، لم نرى ولم نسمع باطهر وأقدس من هذه الحرب، فمن جانب هناك عدو متحجر الفكر لا يفقه سوى القتل والدمار، ومن جانب آخر يواجهه أشرف وأنبل المحاربين متدرعين بالأنسانية يريدون نشر السلام، لذلك كثرة تضحياتهم وطالت حربهم، فلو أرادوا الحرب فقط لكانت قد انتهت وانتصروا فيها بأقل من هذه المدة بكثير.
   يظهر بأن النصر المؤزر الذي أصبح إعلانه قريبا قد ارتبط بالروح الإنسانية للمرجعية الرشيدة ارتباطاً وثيقاً، هذه الروح التي زرعها في قلوب رجاله الاوفياء، الذي بذلوا دمائهم وكثر جرحاهم ليحافظوا على وصايا سيدهم، رجل السلام والاسلام الأول، إن ما قدمه هذا الجيش هو ما تحلم به كل دول العالم، ليس للحرب بل لأن هذا الجيش صُنِعَ للسلام.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي الحسيني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/16



كتابة تعليق لموضوع : فتوى الإنسانية وعمقها المقدس.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net