صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (٤)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
   فمتى يظلِمُ الانسانُ نَفْسَهُ؟!.
   أَولاً؛ عندما يَخدعُ نَفْسَهُ ويكذبُ عليها ويضحك على ذقنهِ!.
   وهل يحصلُ هذا؟! ولماذا؟!.
   نعم، فلطالما نصادفُ أُناساً يضحكونَ على أَنفسهم ويخدعونها بالتَّبرير والأَعذار الواهية والضَّعيفة بل والمُضحكة! التي يعرفونَ هُم قبل غيرهَم أَنَّها غير صحيحة ولا تمتُّ الى الحقيقةِ والواقع بصلةٍ!.
   إِنَّ الانسان يعرفُ الحقيقةَ مهما أَخفاها! ويعرفُ الحقيقةَ مهما حاولَ التَّبرير وخلْق الأَعذار، أَلم يقُل ربُّ العزَّةِ في مُحكم كتابهِ الكريم {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ}؟!.
   ولذلك وردَ في الآيةِ الكريمةِ متحدثةً عن غُشِّ هذا النَّوع من النَّاسِ بقولِها {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.
   والخداع مرضٌ يصيب القلب، فما بالك بخداع الذَّات؟! إِنَّهُ مرضٌ مُركَّبٌ ومعقَّدٌ!.
   يقولُ تعالى {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.
   وإِنَّ من أَشدِّ أَنواع هذا المرض هو ما يُصيبُ الفاسدينَ والفاشلينَ، فعلى الرَّغمِ من معرفتهِم بأَنفسهِم حدَّ اليقين، وما الذي سرقوهُ وما الذي نهبوهُ من المالِ العام والفُرص وغيرَ ذلك! إِلّا أَنَّهم مع ذلك من أَعلى النَّاسِ صوتاً وصراخاً وعويلاً عند الحديثِ عن النَّزاهة! بل أَنَّهم يبرِّرون فسادهُم ويدافعونَ عنهُ برميهِ على الآخرين! كما يفعل اليوم الكثير من الفاسدينَ والفاشلينَ في بغداد! خاصَّةً العمائِم الفاسدة التي يكونُ خطرَها أَشدُّ لأَنَّها تحملُ آلة شرعنة السَّرقة فوق رؤوسِها!.
   يقولُ تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ}. 
   ثانِياً؛ عندما يتشبَّث بشعار [ضعْها برأس العالِم واخرُج منها سالماً] في كلِّ شيءٍ وذلك للتهرُّب من تحمُّل المسؤوليَّة، أَمَّا الله تعالى فلا يُخدع بمثلِ هذه الأَساليب الملتوية، وكما يقولُ أَميرُ المؤمنين (ع) {إِنَّ الله لا يُخادع} وإِنَّما يُحمِّل الانسان المسؤوليَّة في كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ وذلك بقولهِ {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} بعد أَن يقول {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}.
   إِذا تصوَّر المرءُ أَنَّ بامكانهِ التهرُّب من المسؤوليَّة إِذا تخندق خلف حمايةٍ من نوعٍ ما، كَأَن يكونِ فُلانا أَو عِلَّاناً فانَّهُ على خطأ فليس بإِمكانِ أَحدٍ كائِناً مَن كان أَن يحمي غيرهُ فيحمِل المسؤوليَّةَ عنهُ، ولقد قَصَّ القرآن الكريم هذه الحقيقة في الآيةِ المُباركة في إطارِ حوارٍ إِفتراضيٍّ رائع يتساءل فيه ربّ العالمَين عن الذينَ نتصوَّر أَنَّهم سيتحمَّلون المسؤوليَّة عنَّا يَوْمَ الحِساب.
   يقولُ تعالى {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا* يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا* هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}.
   ٢٩ مايس (أَيار) ٢٠١٧
                            لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/31



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السّنةُ الرَّابِعَة (٤)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net