صفحة الكاتب : زيد شحاثة

عندما نخرب بيوتنا بأنفسنا
زيد شحاثة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تتغير أحوال الأمم, وتتقلب أوضاعها, بين صعود ونزول, فتفقد دورا مهما وحضاريا, فتعمل لإستعادة مجدها الغابر, لكن الأمم العريقة, التي تملك حضارة أصيلة, لا تركع إلا إن فقدت رغبتها بالنهوض.
تراجعُ الأمم, وفقدانها لدورها الحضاري, حال تمر به جميعا, نتيجة لظروف ومحن تصيبها, أو لفقدانها بوصلة طريقها, أو لغياب القيادات الرشيدة.. ويحصل بسهولة وسرعة مخيفتين, لكن النهوض يتطلب زمنا طويلا, مع توفر ظروف مساعدة, وإرادة حقيقية.
الهدم والتراجع, قد يكون بفعل خارجي, ومتعمدا ومخططا له, نتيجة لصراع الحضارات وأسباب سياسية وإقتصادية, أو لأسباب تتعلق بالإستعمار والنفوذ, وكانت تحصل عسكريا وبالقوة.
لم تعد القوة الأن, أداة لهدم الأمم, وظهرت طرق أسهل وأيسر, وأكثر خبثا, من خلال إستخدام الأمة  في هدم نفسها.. فيكون الهدم مجانا دون جهد كبير, ومدمرا أكثر, فأهل مكة أدرى بشعابها.
يقال أنك لكي تهدم أمة, يجب ان تحقق أمورا ثلاث, أولها ان تجعل نسائها, تخجل من جزئية, دورنها كأم وصانعة أسرة ومجتمع وأمة, وثانيهما ان تُفقد المعلم إحترامه, وثالثها أن تسقٌط قدوات الأمة وقادتها, في عيون الناس.
رغم أن تلك الأمراض موجودة, عند غيرنا لكن الجزئية الثالثة, صارت مرضا خطيرا عندنا.. فلم نعد نحترم أي شخص, مهما كان دوره, ولا نقيم وزنا لأي من قادتنا , مهما كانت تضحيته ومسؤولياته, ولا نعرف كيف نقوم بشكل موضوعي ومعتدل, بل وفقدنا بوصلة الأدب العام, في إنتقادنا فصرنا نسقط قدواتنا, دون تمييز, بين حدود النقد والأدب والأخلاق.
تمر هذه الأيام ذكرى وفاة السيد عبد العزيز الحكيم.. وهو من القيادات الشيعية البارزة, أمضى زمنا طويلا معارضا, ولا حاجة لذكر التضحيات التي قدمتها أسرته.. ولكن ما يلفت النظر, هو حجم التهجم والتسقيط الذي تعرضه له في حياته, لمواقف إتخذها أو أفكار ومشاريع قدمها, هوجمت بكل قسوة, وشتم وسب لأجلها.. ثم عاد من هاجمه وشتمه, لتبنيها لاحقا؟!
هو حال لم ينفرد به السيد الحكيم, لكنه تميز عن الأخرين,  ببشاعة ما تعرض له من هجوم ظالم, بإزدواجية  غريبة, في  المواقف مما كان يهاجم لأجله.. لكن ما يميزنا أننا, بعد ما يرحل هؤلاء, نعود ونندبهم ونبكيهم, ونذكر محاسنهم, بل ونضيف لهم أمورا ربما لم تكن موجودة فيهم!
يقول قرآننا الكريم ((يخربون بيوتهم بأيديهم)), في وصف حال اليهود.. فهل نحن نتبع سيرتهم, ونخرب بيوتنا بأيدنا.. ونهدم أمتنا بما نفعله من تلك القبائح الثلاث؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيد شحاثة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/30



كتابة تعليق لموضوع : عندما نخرب بيوتنا بأنفسنا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net