صفحة الكاتب : نزار حيدر

مُطَارَحَاتٌ حُقُوقِيَّةٌ
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   على مدى يومَين كاملَين [٢٩ - ٣٠ نيسان] شهِدت مدينة أَربيل أَعمال المؤتمر الثّاني للمُلتقى العراقي لمنظَّمات حقوق الانسان، والذي خرجَ بنتائج إِيجابيَّة جدّاً نأمل أَن تسهم في تحسين وحماية حالة حقوق الانسان المتدهورة بسبب الارهاب على وجه التَّحديد. 
   ولقد تميَّز المؤتمر بالمشاركة الفعّالة لجميع المُشاركين خاصَّةً الأَخوَين العزيزَين الأُستاذ عبد الخالق زنگنة المنسِّق العام للمُلتقى الذي كانَ الأَبُ الرُّوحي للمؤتمر يعود اليهِ المؤتمرون في كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ لخبرتهِ المُتراكمة النّادرة ونشاطهِ الدَّؤوب، والزَّميل حميد مُراد رئيس الجمعيَّة العراقيَّة لحقوق الانسان في الولايات المتَّحدة الأَميركيَّة الذي كان لوحدهِ كخليَّةِ نحلٍ تجدهُ حاضراً في كلِّ مفاصل المؤتمر، فلقد تركا بصماتهِما في كلِّ وَرش العمل والتَّقارير والبيانات التي نتجت وصدَرت عن المؤتمر، فضلاً عن الإعداد الفنِّي والُّلوجيستي.
   ولقد كانت لي في المؤتمر عدَّة مُشاركات ومُداخلات كانت من أَبرزها ما يلي؛
   أَوَّلاً؛ إِنَّ التَّعليم هو حجر الزَّاوية في قضايا حقوق الانسان والدِّيمقراطيَّة، وذلك على المستويات الثَّلاثة التَّالية؛
   الف؛ التَّعليم مُقابل الأُميَّة، فالشَّعب الأُمّي لا يمكنهُ أَن يحمي حقوقهُ، كما أَنَّ النَّاخب الأُمِّي يبيع صوتهُ الانتخابي الذي هو أَقدس ما يمتلكهُ في يَوْمِ الاقتراع العام بمدفِئةٍ أَو لحافٍ أَو رصيدٍ لهاتفهِ!.
   ولذلك نلاحظ أَنَّ كلَّ الدُّوَل والشُّعوب التي نهضت من ركام الاستبداد والديكتاتوريَّة تضع كلَّ إِمكانيَّاتها المادِّيَّة والمعنويَّة في خدمة التَّعليم لتقلِّل نسبة الأُميَّة الى أَدنى مستوياتها، على اعتبار أَنَّ النِّظام الشُّمولي والديكتاتوري يتعمَّد تجهيل الشَّعب ليسهل عليه قيادتهُ كقطيعٍ من الأَغنام يسيرُ بها حيثُ يريدُ وأَنّى يُريد!
   ثانِياً؛ التَّعليمُ مُقابل الجهل، الجهل بالحقوقِ والواجبات، والجهل بمسؤوليَّات الحاكم والرَّعيَّة، والجهل بواجبات كلّ مؤسَّسة من مؤسَّسات الدَّولة فضلاً عن منظَّمات المجتمع المدني والاعلام وغير ذلك.
   إِنَّ الشَّعب الجاهل يعتبر أَنَّ كلَّ ما ينجزهُ الحاكم عبارةً عن مَكرُمات يهبها لَهُ، كما أَنَّ الشَّعب الجاهل تُبهرهُ أَبواق الحاكم وتغسل أَدمغتهُ دعايتهُ التَّضليليَّة! وهو يُصفِّقُ ليلَ نهارٍ لفُتاتٍ يرميه [القائد الضَّرورة] لَهُ!.
   ثالثاً؛ التَّعليم مُقابل التَّضليل، فبينما يكرِّس التَّعليم كلَّ القيم الانسانيَّة والوطنيَّة التي تستند عليها الحقوق وأُسس الدِّيمقراطيَّة كالتعدديَّة والمساواة والعدالة والحريَّة والكرامة والحوار والتَّعايش واحترام الآخر ورفض مبدأ إِحتكار الحقيقة، فانَّ التَّضليل يُشيعُ في المجتمع ظواهر سيِّئة مثل العُنف والارهاب وإِلغاءِ الآخر ومنطق السِّلاح في الحوار بدلاً عن سلاح المنطق والتَّقاطع والتَّمييز والتزمُّت وغير ذلك من الأَمراض الاجتماعيَّة التي ابتلينا بها بسبب إِنعدامِ التَّعليم الحقيقي والواقعي الذي يَصُبُّ في مصلحة بناء الدَّولة العادِلة والمستقرَّة والمجتمع العادل والمتعايش والمستقرّ.
   كما أَنَّ من الضَّرورة الوطنيَّة الملحَّة أَن تشمل المناهج التَّعليميَّة على توثيق وشرح دَور وإِنجازات كلَّ مكوِّنات المجتمع العراقي في بناءِ الدَّولة الحديثة فجهلُ النَّاسِ بالحقائق يُساعدُ العنصريِّين والطائفيِّين على تمرير أَجنداتِ التَّمييز والاستهانة بصورةٍ سهلةٍ!.
   رابعاً؛ لقد ابتُليَ الْعِراقِ الحديث على وجهِ التَّحديد بظاهرةِ الإِبعاد القسري والتَّهجير والنُّزوح والهجرة سواء في الدَّاخل أَو للخارج وكذلك بظاهرةِ إِسقاط المُواطنة [الجنسيَّة] بشَكلٍ مُلفتٍ للنَّظر ومتكرِّر عند رأس كلَّ عقدٍ من الزَّمن تقريباً!.
   ينبغي مُعالجة جذور هذه الظّاهرة الخطيرة، لأَنَّها تضع المُجتمع بشَكلٍ مستمرٍّ على كفِّ عفريتٍ وفِي مهبِّ الرِّيح، وهذا أَمرٌ لا يُساعدُ على إِستقرارهِ كما أَنَّهُ لا يُساهمُ في حماية حقوق الانسان وبناءِ النِّظام الدِّيمقراطي أَبداً!.
   وبرأيي فانَّ أَحدَ أَهمّ جذور هذه المشكلة هو قانون الجنسيَّة لعام ١٩٢٤ الذي سنَّهُ البريطانيُّون والذي قسَّموا فيه العراقييِّن الى درجتَين أُولى وثانية، لتنقسما على نفسَيهما فيما بعد الى درجاتٍ ثالثةٍ ورابعةٍ وخامسةٍ وهكذا!بسبب السِّياسات الطَّائفية والعُنصريَّة.
   إِنَّ الْعِراقِ هو البلد الوحيد الذي يُشرعن تقسيم المواطنين الى درجاتٍ بقانونٍ! ولذلك ينبغي إِلغاء قانون شهادة الجنسيَّة وتعديل القانون بما يثبِّت درجةً واحدةً فقط للمواطنة، فكلُّ المواطنين هم من الدَّرجةِ الأُولى بلا تمييزٍ بأَيِّ شَكلٍ من الأَشكالِ!.
   والغريبُ في الأَمرِ أَنَّ الجمعيَّة الوطنيَّة التي تشكَّلت بعد سقوط نِظامُ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين قد أَلغت شهادة الجنسيَّة ثمَّ ثبَّت مجلس الحُكم ذلك الالغاء ومن ثمَّ ورد الالغاء في الدُّستور وكذلك في التَّشريع الذي أَصدرهُ أَوَّل مجلس نوَّاب مُنتخب تشكَّلَ بعد سُقوط الصَّنم، ومع كلِّ هذا، لازالت شهادة الجنسيَّة حجر الزَّاوية الوحيدة في إِثبات هويَّة المُواطن، وهي تقف على رأس ما بات يُعرف عند العراقييِّن بالصَّدَّاميَّات الأَربع من حيث الأَهميَّة!.
   خامساً؛ إِنَّ ثقافة حقوق الانسان هي عمليَّة تراكميَّة وخبرة تنتقل من جيلٍ لآخر، ولذلك فانَّ الذي أَتمنَّاهُ هو أَن يُشارك في المؤتمرات القادِمة للمُلتقى عدَّة أَجيال لتنتقل هذه الثَّقافة وهذه التَّجربة والخِبرة عند الجيل السَّابق الى الأَجيال الجديدة لتُساهم في بناءِ صَرحها وتكريسها في المجتمع عاماً بعد عامٍ.
   ٧ مايس (أَيار) ٢٠١٧
                       لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/27



كتابة تعليق لموضوع : مُطَارَحَاتٌ حُقُوقِيَّةٌ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net