إنقــــلاب المفاهيم..
زهراء حكمت الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زهراء حكمت الاسدي

اختلف معنى التميز في وقتنا الحاضر، كنا نعرف وعلّمنا أهل البيت (عليهم السلام) أن التميز يكون بالدين والعفة، ودرسنا وقرأنا في قرآننا الكريم قوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وحدثنا الرسول (ص) بحديثه العظيم: (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) (محمد (ص) رسول الإنسانية والحرية: ج1/ ص7).
هذا ما عهدناه ولسنوات عدة، لكن الظاهر أن الآية انقلبت، والمفاهيم بُعثرت، والعقول تطورت الى مستوى هي أرقى من التماشي مع سيرة الإسلام العظيم...!!
وبدأت مجالات جديدة للتميز تفتح أبوابها، فالمال لم يعد وحده مصدر تميز، بل أجمل حفلة، وأجمل قاعة، وأجمل بدلة، وأجمل ذهب، وأجمل وأغلى تسريحة هي ما يميزنا...!!
وهنا نعود لنسأل: هل التميّز هو الاهتمام بالمجال الظاهري الاستهلاكي والشكل فقط..؟
وما هي صفات هذا التميّز الحقيقي..؟
المرأة التي تنشد التميز الواقعي، لابدّ لها من صرف القليل من الذكاء لأجل معرفة المنهل الحقيقي التي تنهل منه، إضافة إلى المواصفات التي يجب التحلي بها لتؤدي إلى الانسجام والتناغم بين المظهر والجوهر.. ونحن أمامنا شمس سطعت في أفق البشرية؛ لتكشف زيف أنوار النجوم، إنها السيدة الزهراء (عليها السلام) سيدة نساء العالمين التي وقف التاريخ إجلالاً وتعظيماً لشأنها، بل وانحنى الكون كله تواضعاً لعظمتها ومكانتها.. فلو كانت الملابس هي مقياس التفاخر لما قدمت ثوب عرسها للفقيرة، ولما كان مهرها زهيداً..!
ولو كان التميز بالجاه والرفعة والنسب والحسب، لما تركت أثرى أثرياء قريش وهم يخطبونها لترتبط بالرجل الفقير مادة، الغني خُلقاً ومنطقاً وقيماً ومواقف...!
ترى لماذا اغتربنا عن هذا الواقع الحقيقي، لنستبدله بآخر بائس وافتراضي وزائف لا يدوم.. والأنكى أنك عندما تتحدث بهذا الأسلوب تكون كالغريب، بل المتوحّش والخرف بين الناس...!!
أترى العقول اختلفت أم أن الأخلاق أصبحت شيئاً زهيداً ومتوفراً لدى الجميع لا نحتاج إلى الحديث عنه...؟!
وأين ثقافة المرأة التي تميزها، وعقلها الراجح الذي يخرجها للعالم بإنسانيتها وليس بأنوثتها؛ لتسعى لنيل قلب هذا، وتصيد هوى ذاك، ونظرات اعجابه بانحطاط عجيب..؟ وترانا لماذا استبدلنا بلاغة المرأة بالوقاحة أو بكيلوات الذهب التي ترتديها لتكون أكثر (برستيجا) وابنة عزٍ بنظر الناس...؟!
أين اقتداؤكن بزينب (عليها السلام) التي تميزت بثقافتها الراقية التي تُمكّنها من المشاركة الفعّالة في الأحداث اليومية التي تمر بها لتكون في قلب الحدث، وبصرختها في وجه الباطل، ووقوفها إلى جانب الحق مهما كلّفها ذلك بجرأتها وشجاعتها وثقتها بنفسها على المطالبة بحقها، وبإكمال النهضة الحسينية..؟
مازال في القلب أسى، وفي العين قذى على حال بتنا نصل به الى بيع الدين والآخرة من أجل لحظات زائلة من الدنيا..!
وكم كنا نتمنى أن يكون هدفنا دائماً خلق جيل صاعد وواعد من الفتيات المؤمنات المثقفات، فيما يخصّ الدين عقائدياً وفقهياً، وما يخصّ تربية الأطفال والتعامل مع الزوج، والتحلي بالأخلاق الإسلامية العالية في معاملة الأهل والجيران..
فليكن تميّزنا أخروياً بعيداً عن مباهج الدنيا ومغرياتها.. لنكون مصداقاً للحديث الشريف المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): ((كونوا زينا لنا ولا تكونوا شينا علينا))
(سيرة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): ج1/ ص39).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat