صفحة الكاتب : محجوبة صغير

المـــــرأة المنتـــظرة
محجوبة صغير
 الاهـــــــــداء: إلى كلّ غـــــــــائب لم يعد بعد
 
قالت في نفسها والألم يعصر شفتيها : " لم لم يرجع بعد..ألم يعدني أن نحتفل سويا ونقتسم آهات اللقاء مع بعضنا ؟؟" ؛ لكنّها تنفر من مخيّلتها التعيسة وترتشف آخر شهقات وزفــرات الألم والحـــــــــــسرة..
تقبض بكلتا يديها المرتجفتين ـ  كعجـــــــوز جاوزت سنين العـمرـ وشــــــــاحا أرجوانيا كان معلقا بجذع رقبتها المنتصبة وأحكمت قبضتها عليه وكأنّها تخنق ذاك الذي سافر ولم يعد ؛ وبعدها آثرت تعذيبه ..وراحت تشّمه بقوّة عـــلّ الفــــــــــرح الهارب منها سيخرج كالمارد ليحقق لها نشوة اللّقــــــــــاء الذي طال وقوعه....
" لا أدري أين ذهبوا لقد غابوا و معهم أفــــــراحي ...في ليل حالك يغزوه القمر خجــــولا  ؟ ، لكنّ ثقتي في ضوئه الحــــــــالم تدعوني ،لأن أبحث عنهم  و أتنسّم ريحهم العطر..."
نهضت من مكانها الذي يذكرها بالغائب ورأت أنّ الفرصة أصبحت سانحة لتردع شوقها الملتهب ببقايا زائــــــــــر لن يأتي...وتحاملت على نفسها تسلّيها بارتشاف كوب شاي مصفي تارة، و محاكمة قلبها المتهم بالزندقة تارة أخرى ..وكانت المحاكمة مغلقة لا عين رأت ولا أذن سمعت...حتى تدلي بأقسى أحكامها عليه...
وبينما  يتداول القصاص على القلب الجريح ، تحاول المرأة  القاسيّة  النيل منه وهو ينبض بشوق الغائب.." لن أتركك تعيش والشوق يعتريك سأحرق شرايينك بنسيانه وأجعلك عضلة لترويج السائل الأحمر أمّا مشاعر الحب والحنين....إلى جهنّم..."
وتواصل احراق أعصابها المنهارة ؛  فالقلب الذي يُعذب الآن ليس قلبها بل قلب المنتـــظرة التي تغط في سبات ليس بالعميق عندما تأكدّت أنّ الزائر قد أغلق قلبه ووطنه ..وأوصد آخر أبواب التواصل بينهما.
لا تريد أن تعيش على فضلات حبّ ميؤوس منه...لقد أخلصت في الوقت الذي غدر و.تركها وحيدة أسيرة شوقه القاتل .
" لقد أخلصت لك أيّها القلب ،لأجل أن تنعم بالراحة مع من اخترت لكنك خنتني قبل أن يخونني ذاك الدخيل..واحتقرتني لأجل أن تتشفى في  ـ في مثل هذا اليوم الرمادي ـ أنت لست القلب الذي يطاوعني؛ لقد هربت إليه ولا تزال تريده..سخطا لك ولحبك المهلك...."
بعد هذا الحوار الداخلي المؤثر ، تريد الانتقام من هذه العضلة المليئة بحب الناس والحياة ،  فتحمل يدها وتظل تضرب صدرها.. وتضرب حتى تسقط  في سيل دموعها المالحة وهي تذرفها بنكهة الصغار لمّا يغيب عنهم حنان أمهاتهم.
يتواصل النحيب وينقطع الانتظار..فالغائب مجهول العودة  وقلبها وشيك النهاية أمّا هي فعلى أهبة المغادرة إلى عالم لا يسكنه المخادعون من الأحبة...
تتمدد على الأرض في وضعية لا تنهض منها أبدا، وهي ممسكة الوشاح الأرجواني وقد جفّت دموعها ، مشكلة أخاديدا جافة هي الأخرى لا تنبئ بالحياة.
يدق أحدهم الباب...ثم يفتح.. يدخل...يمشي قليلا في حركة لا تثير أحدا..."نوال ...نوال..هل تنا مين على الأرض ،وما جدوى الفراش إذن...؟"
لا تتحرك المرأة..يجس نبضها بروية...تُجحظ عيناه ويُفتح فاه...
المنتظرة أطالت الانتظار...لكن الموت لاينتظر...
 
بقلم: محـــجـــوبة صغير
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محجوبة صغير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/08



كتابة تعليق لموضوع : المـــــرأة المنتـــظرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : محجوبة صغير ، في 2011/09/18 .

مرحبا أستاذي المحترم علي حسين الخباز:

والله أدمنت تعلقاتك الرائعة..التي كانت ولا تزال الدافع الرئيسي لأن أبدع أكثر

شرف كبير لي أن تتابع ما أكتب حفظك الله..وأدامك قلما مدرارا للأدب

كل الاحترام والتقدير

ابنتك بالأدب محجوبة صغير

• (2) - كتب : علي حسين الخباز ، في 2011/09/17 .

ابنتي محجوبة صغير قصة في غاية الروعة يرويها القاص نفسه عن موضوعة من اهم الموضوعات الانسانية الا وهي ثيمة الانتظار .. التي كانت محور انتظار كودو لبيكت الى يومنا نجدها في كل آهة شوف تكابده ام وحبيبة وزوجة وابنة ومحبة ولك مودتي محجوبة لهذا الابداع وتقبلي دعائي


• (3) - كتب : محجوبة صغير ، في 2011/09/08 .

عـــــــــيد مبارك سعيد لكل أحبتي في هذا المنبر الراقـــــــــــــــــــــــي..أعاده الله علينا بالسلم والأمــــــــــــان على وطننا العربي الكبير.






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net