صفحة الكاتب : احمد السيلاوي

الفرق بين البلاء الانتقامي و البلاء التربوي
احمد السيلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 إن البلاء من سنن الله تعالى في عباده المؤمنين ، ولو كان هناك لطف في الإعفاء من البلاء ، فإن الأنبياء كانوا أولى بهذا اللطف .. إذ من الواضح أن البلاء من موجبات الانقطاع إلى الله تعالى ، وعدم التثاقل إلى الأرض .. وقد ورد : أن أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الذين يلونهم ، ثم الأمثل فالأمثل..
 إن لله تعالى أنواعا من البلاء ، منها: عقوبات في الأبدان ، وعقوبات في الأموال ، وعقوبات في الأنفس .. وما ضرب الله تعالى عبدا بعقوبة اشد من قساوة القلب.. إذ كيف يرى الإنسان وجه السعادة ، وهو يعيش علاقة متوترة مع واهب السعادة ، الذي بيده كل أسباب السعادة في الدنيا والآخرة ؟!..
إن البلاء على قسمين: فمنه بلاء انتقامي وآخر تربوي .. وعلامة الأول انه يأتي بعد مخالفة العبد لرب العالمين ، وخاصة مع الإصرار على الخطيئة ، فإن الله تعالى يمهل ولا يهمل .. وأما البلاء التربوي : فهو ذلك البلاء الذي يحل بالعبد من دون أن يكون مقصرا في واجب دنيوي أو أخروي .. وكم من الجميل أن يمر العبد بمرحلة قصيرة من العناء ، تعقبها سعادة دائمة !!.. وكم من القبيح أيضا أن يبتلي المولى جل وعلا عبده ، بما لا يوجب له رفع درجة في الدنيا ، ولا في الآخرة.
إن من موجبات دفع البلاء قبل وقوعه هو الدعاء قبل نزول البلاء ، فان دعاء العبد في ساعة الرخاء من موجبات قبول دعائه في ساعة الشدة والبلاء .. ومن المعلوم أن دعاء المبتلى ، إنما هو حركة طبيعية لا تكشف عن عبودية العبد ، بل يدل عن طمعه في رفع البلاء فحسب .
 إن من البلاءات الكبرى في الحياة : هو أن يصاب الإنسان في دينه ، بمعنى تخلل الشك في أصول عقيدته، ليتحول بالتدريج إلى رفض لها ، وهي قمة الخذلان وسوء العاقبة في حياته .. ومن المعروف أن تراكم الذنوب الكبيرة مما يوجب هذه العاقبة الوخيمة ، وقد يستفاد ذلك من قوله تعالى : }ثم كان عاقبة الذين اساؤا السوأى ان كذبوا بايات الله وكانوا بها يستهزؤن{.
 إن العبد قد يكون من الذين لم يتم استحقاقهم للعقوبة ، ولكن انسه بالغافلين عن ذكر الله تعالى والعصاة من عباده ، قد يوجب تعميم العقوبة بما يشمله .. وهذا وقد يفهم ذلك من قوله تعالى : } واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة { .. وعليه فان المضطر لمعاشرة الفاسقين - لظرف من الظروف -عليه أن يحذر سلبيات هذه المعاشرة ، مع الحرص على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لئلا يعد من زمرتهم .
  إن من نعم الله تعالى على عبده المؤمن إن يبتليه بالبلاء اليسير ليكون ذلك مقدمة لتذكيره بالدعاء الذي بدوره يدفع البلاء العظيم .. ومن هنا فانه إذا رزق العبد توفيق الدعاء بعد البلاء ، كان ذلك علامة على سرعة زوال ذلك البلاء .. وقد ورد في الحديث : انه ما من بلية إلا ولله فيها نعمة تحيط بها .
 إن من الخطأ أن يرتاح الإنسان إلى تتابع النعم الإلهية عليه .. إذ لعل ذلك من صور الاستدراج الذي يراد منه إتمام النعمة والحجة على العبد قبل العقوبة .. فتأمل في هذا الحديث الذي روي عن الإمام السجاد ( ع ); ليفتح لك باب الصبر على المصائب حيث قال: إني لأكره إن يعافى الرجل في الدنيا ، ولا يصيبه شئ من المصائب .
 إن من أعظم الإفراد ابتلاء في هذا العصر ، هو الحامل لهم هذه الأمة طوال العصور المتمادية .. فكم رأى طوال التاريخ من المجازر في إتباع امة جده المصطفى ( ص ) !.. وكم يرى اليوم من صور الخذلان والضعف لدى المسلمين بما لا نظير له! .. أضف إلى حمله لهموم أهل البلاء من محبيه والمنتظرين لدولته .. أليست هذه الأمور كافيه لان يكون قلب الإمام ( ع )  مجمعا لكل الهموم والغموم ؟ .. فهنيئا لمن خفف عنه و لو بدعوة ملحة بين يدي ربه في خلوة من جوف الليل البهيم . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد السيلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/31


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • العام الدراسي الجديد  (المقالات)

    • كلمة حق  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : الفرق بين البلاء الانتقامي و البلاء التربوي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net