أين تكون أخلاق ومبادئ الإسلام يكون الحسين (ع)..
رياض العبيدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لازال البعض وعلى الرغم من توضيح العلماء وكتب أصحاب اليراع الواعي ,وعلى الرغم من تغير الخطابات وتحوله من حكايات الجدات إلى حيث المنبر الواعي والخطاب الإسلامي المرحلي المتفتح ,إلا أن الكثير لازال يحاول أن يختزل كل قيم ورسالة وأهداف ومنهج الرسالة الحسينية وثورة التصحيح التي كلفت الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه حياتهم باللطم والبكاء ,بل لازال البعض يفهم أن الحسين يقتصر وجوده بأرض كربلاء إن لم يكن يختزله بمساحة لا تتعدى بضعة أمتار !! قررت السفر إلى تركيا والإقامة هناك بعد أن تدهورت حالتي الصحية جراء ما يجري في العراق ومحاولتي والشرفاء بتغيير ما يمكن تغييره ولكن من دون جدوى نتيجة نجاح الساسة وأحزابهم باحتواء الشعب وشراء ذمم الكثير منهم ولعدم قدرتي على الصمت جراء ما أفسد الساسة في مؤسسات الدولة العراقية وسرقتهم أموال العراق وثرواته وسفك دماء الأبرياء ,ما أتذكره هو قول احد الأخوة الذي علم باني عزمت السفر فراح يسألني (شلون تسافر وتعوف الحسين )؟سؤال وقفت عنده طويلا واحترت كيف أجيب عليه ,تركت صاحبي ولم أجبه على سؤاله لأني اعلم أن الجدال بهذا الموضوع لا يصل إلى نتيجة مرضية لأحدنا . سافرت إلى تركيا وأقمت هناك مدة خمسة أشهر وأثناء إقامتي هناك كنت أصلي كل الأوقات وبانتظام وكنت أقرأ زيارة الحسين كل ليلة جمعة وحين اشتاق إلى حبيبي أبي عبد الله (ع) وختمت القران وكنت اسمع الآذان خمسة مرات باليوم ,وفي صباح احد الأيام خرجت كعادتي للقاء بعض الأصدقاء العراقيين وفي هذا اليوم شاهدت الحزن على وجوههم فسالت عن سبب ذلك فاخبرني احدهم أن شابا عراقيا يعمل في معمل للمعجنات لا يتجاوز عمره (22) عاما قد توفي نتيجة جلطة دماغية وهو الآن في ثلاجة مستشفى المدينة والمحزن في الأمر أن لا احد من أهله سيأتي لاستلامه حيث انفصل الوالدان عن بعضهما وكل منهما تزوج ويعيش حياته بعيدا عن الأخر وحتى عمته التي تسكن في إحدى محافظات تركيا والتي تنتظر دورها في الرحيل عنها لأحدى دول أوربا بصفة لاجئة هي الأخرى رفضت استلام جثة ابن أخيها ,وبينما كنا نتباحث عن تكفل دفن الشاب العراقي فإذا بامرأة تركية تتقدم نحونا لتبلغنا بضرورة التوجه لاستلام جثة الشاب وإجراء مراسيم الغسل والصلاة حيث أخبرتنا بأنها تكفلت بدفع مبالغ مراسيم الدفن من أجور المستشفى والكفن وشراء القبر وأجرة عجلة نقل الجثة إلى المقبرة وأجرة عجلة نوع باص خصصتها للمشيعين العراقيين ,وبعد أداء صلاة الميت تم تشييعه تشييعا مهيبا وعند قبره وزع أصحاب المحل الذي كان يعمل الشاب عندهم أنواعا من المعجنات على المشيعين العراقيين والبعض من الأتراك ثوابا على روحه وودعناه ليكون عند رب غفور ورحيم ,وفي اليوم الثاني هيأة المرأة مكانا وتكفلت بتوفير كل مستلزمات مجلس الفاتحة ويساعدها بذلك مجموعة من أصحاب المرحوم ومن العراقيين والأتراك وهكذا أقيم له مجلس عزاء ليوم واحد لنفترق وسط ذهول من هذه المرأة وإنسانيتها بعد تخلي الأهل والأقارب عن القيام بواجباتهم اتجاه ولدهم وهو بعمر الزهور متوفى في ارض الغربة ,هنا استذكرت صاحبي الذي قال (شلون تسافر وتعوف الحسين ) عدت للعراق بعد خمسة أشهر وفي احد الأيام التقيت بصديق كبير في العمر وبعد التحية والسلام قلت له كيف حالك ؟فأجاب بخير في ظل الحرية !!تساءلت أي حرية ؟قال (احنة جاي نلطم على الحسين ومحد يحاسبنه )!! تركته أيضا كما تركت صاحبي قبل خمسة أشهر مضت وأيضا من دون أن أجيبه ولو بحرف واحد أو أحاوره ,تركت صاحبي ووقفت على بائع الطماطم الذي اعد أنا احد زبائنه فطلبت منه أن يزن لي (2كيلو )من الطماطم التي تبدو ناضجة وتسر الناظر وسرعان ما جهز طلبي وكما عادته حيث يتمتع كما غيره بخفة اليد وهو يضع ما يبيع بكل مهنية وسرعة في الكيس الأسود المعقودة أطرافة بإحكام ,وما أن وصلت البيت حتى أفرغت زوجتي الطماطم لتبشرني أن الموجود في الكيس طماطم لا تصلح إلا أن تكون وسط حاوية الفضلات ,سألتني زوجتي وسط اندهاشي من أين لك بهذا ؟فقلت ضاحكا انه بقال من مدينتي يلطم على صدره في مجالس عاشوراء ويسير مشيا على الأقدام كل يوم خميس !!! تيقنت أن الإجابة على سؤال البعض يعد جهلا أكثر من جهل السائل ,وأيقنت أن الحسين (ع) هناك في قلب المرأة التركية .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
رياض العبيدي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat