صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

لكل فضيحة واعظ أثيم!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رحم الله الوردي والكواكبي والذين قبلهم وبعدهم , بما سطروه عن وعاظ الكراسي والطغاة والسلاطين , وما أشاروا إليه من أن الجرائم الكبرى التي يقترفها المتورطون بالحكم يتم تسويغها لهم من قبل ألف عمامة وعمامة ولحية تتطاول على أخيّتها.
ويبدو أن إستعمال كلمة وعّاظ لا تنفع العرب , لأن العرب في طبيعتهم يَعظون ولا يَتّعظون , ولو أنهم يتّعظون لكانوا فعلا من أحسن أمم الأرض , لما يمتلكونه من ذخائر حضارية ونفائس حٍكم وقصص سلوكٍ قويم.
وفي بلدٍ يكنز تراثا حضاريا عريقا وكبيرا , تجد الفضائحَ فيه صارت فخرا وتعبيرا عن القوة والتأسّد , بل ويتباهى بها أصحابها , وكأنها من أدبيات وأخلاقيات الحكم والسلوك والدين , ذلك أن جميع المآثم المقترفة والخطايا المتعاظمة يكون خلفها مّن يسوّغها بفتوى وآية , أو يختلق ما يحلو له من القصص , التي ترضي ما فيه من أمّارات السوء والفحشاء والمنكر.
فلا يمكن تبرئة أصحاب العمائم , والذين يحسبون أنفسهم قادة لهذه المجموعة أو الفئة أو الطائفة أو المذهب , مما يتحقق في بلادٍ يدّعي المتورطون بالحكم فيها , بأنهم أحزاب دينية وينتمون لهذا المذهب أو ذاك , وما يقومون به من أعمال إنما يمثل ما يؤمنون به ويعتقدونه ويتصورونه , وما تم تسويغه لهم وإرشادهم للقيام به , وهذا هو إستنتاج العقل وقوانين السلوك البشري.
وإذا كان ربّ البيت بالدف ناقرٌ فأنه سيساهم في متوالية الرقص والفجور والتردي الأخلاقي والقيمي , ولا يمكن تبرئته بأي عذر وذريعة , لخداع الناس وتضليل العقول.
وبما أن التبريرات والتسويغات تُباع وتشترى , فأن لكل آثمة فتوى وقوة تشجعها وتدفع إليها وتستفيد منها , وما الفضائح المروعة التي تتكرر في وسائل الإعلام , إلا للتباهي ولتأكيد السلوك الفاسد وتعزيزه والدفاع عنه وتنميته , وتحويله إلى عرف وتقليد , فما معنى أن تفضح مفاسد أحدهم ولا يُتخذ أي إجراء قانوني وتأديبي وأخلاقي بحقه , بل يزداد قوة ورفعة ويُحاط بألف فتوة وفتوى , لتجميل سلوكه وإعتباره تعبير عن إرادة الرحمان الرحيم.
وما أسهل القول بأن الضرورات تبيح المحذورات , وما يرتبط بها من آليات تبرير المساوئ والمفاسد والجرائم الكبيرة والصغيرة , فالقرآن حمّال الأوجه , ومسيرة التراث الإسلامي ثرية بما يبرر ويشجع على كل شيئ , وتلك مأساة كبرى تتمرغ في أتونها أمة لا تعقل دينها , بل تتهافت وراء كل ناعق بدين.
ولهذا فأن نشر الفضائح لا يغير شيئا ولن يصلح السلوك بل يقدم أمثلة على تكراره , ما دام جميع المجرمين يفلتون من العقاب , ويتمتعون بسرقاتهم وما غنموه من حقوق الناس وصادروه , وفي وعيهم إنه رزق وفير من ربهم  الذي يعبدونه ويثرون بإرادته , فهو يرزق مَن يشاء ويعز مَن يشاء , وهم الذين تنطبق عليهم هذه الكلمات , وقد فتحت عليهم أبواب الرزق من حيث لا يحتسبون.
فلماذا تحسبون هذا الرزق المدرار فضيحة , إنه نعمة من ربهم الرزاق الكريم , وبمثل هذا ليفتيَ المعممون!!
وما أكثر وعاظ الفضائح والمفاسد والخطايا والآثام!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/19



كتابة تعليق لموضوع : لكل فضيحة واعظ أثيم!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net