صفحة الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري

الشهيد الحكيم نموذج القيادة المؤمنة
عبد الكاظم حسن الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يمثل الشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره, علامة فارقة في القيادة الشيعية السياسية, فالمعلوم عن الشيعة وعلى مدار تاريخهم, أنهم لم يؤسسوا دولة, كونهم عانوا من ظلم وتهميش الحكومات الطائفية المتعاقبة, كما إنهم –الشيعة- ومن ابجدياتهم أنهم لا ينضووا تحت خيمة الحاكم, ولا يكونوا جزء من سلطته التي يتسلط به على رقاب الناس.

تصدي السيد محمد باقر الحكيم للزعامة السياسية الشيعية, وتبنيه لتيارات سياسية كان جزءا من بعضها –كحزب الدعوة وحركة العلماء المجاهدين- أو قائدا لبعضها –كالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق- جعله في طليعة العلماء العاملين في الشأن السياسي.

عايش السيد الحكيم ومنذ ولادته التحولات الدراماتيكية التي حدثت في العراق, والتي كان أبرزها التحول إلى النظام الجمهوري, بعد الإطاحة بالحكم الملكي, وكان للجو الحوزوي الذي عاشه في كنف والده مرجع الطائفة السيد محس الحكيم قدس سره, أثرا في انتخاباته السياسية, فأسس بمعية أخويه السيدين يوسف ومهدي الحكيم قدس سريهما والسيد الصدر قدس سره, حزب الدعوة الإسلامية, وتحت رعاية ومتابعة المرجع محسن الحكيم.

بعد تمكن البعث من الاستيلاء على السلطة عام 1968, وضحت نية هذا الحزب في إقصاء الحوزة العلمية من المشهد الحياتي, فأخذ بمضايقة طلبة العلوم الدينية, وشُنِّتْ حملات الاعتقالات والإعدامات والتصفيات المجهولة, وكانت أحداث صفر عام 1978 واضحة في اثبات حقيقة توجه سلطة البعث.

حينما تولى صدام السلطة عام 1979, ظهرت اقصى صور الإجرام البعثي, فأخذ بالتنكيل بعلماء الدين, وخصوصا عائلة الحكيم, فأعدم العشرات من رجالات هذه العائلة المؤمنة, الأمر الذي اضطر معه السيد محمد باقر الحكيم لمغادرة العراق صوب سوريا في الشهر السادس من عام 1980.

أوضح السيد الحكيم رؤيته لمن التقى بهم من رجال الدين والسياسيين المعارضين لنظام البعث, وشرح رؤيته في العمل كمعارضة مسلحة, بغية إقامة دولة عادلة في العراق, وحين ختم لقاءه معهم أشار إلى إن رؤيته هذه لن يعمل بها إلا بعد أخذ موافقة الإمام الخميني قدس سره.

انتقل بعدها السيد الحيكم إلى ايران, وهناك نضجت وتكاملت رؤيته, وانطلق في مشروعه الذي تمخض عن ولادة المجلس الأعلى للثورة الاسلامية عام 1983 وجناحه العسكري فيلق بدر عام 1986.

كانت رؤية السيد محمد باقر الحكيم, تنصب على أن يحظى العمل الحزبي والسياسي بالغطاء الشرعي, من خلال إشراف المرجعية على خطوات هذا التشكيل في كل مراحله, وأن المجلس الأعلى لن يحيد عن خط المرجعية رغم إن السيد الحكيم كان بنفسه مجتهدا.

بعد تغيير النظام في العراق عام 2003, دخل السيد الحكيم إلى وطنه الذي كان يحن إليه, وأكد منهجه الذي أختطه لنفسه بأن لا يحيد عن خط المرجعية قائلا: "أنا جندي من جنود السيد السيستاني" و"اقبل أيادي جميع العلماء" وقد أوضح المنهج لمن يؤمن بأفكاره, بانه يوصي دائما إذا أردتم النجاح لعملكم, فعليكم باتباع كلام المرجعية وعدم الحياد عنها.

لم يكن السيد الشهيد محمد باقر الحكيم حالة عابرة في المشهد السياسي العراقي, بل هو نقطة محورية ومهمة لنموذج القائد المؤمن, الذي مارس السياسة وفق الأخلاق الإنسانية, والضوابط الشرعية, ولم يكُ من دعاة المناصب, أو الباحثين عن الامتيازات والمنافع الشخصية أو الحزبية الضيقة, حتى نال الشهادة في سبيل ذلك.

فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الكاظم حسن الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/12



كتابة تعليق لموضوع : الشهيد الحكيم نموذج القيادة المؤمنة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net