صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

مذكرات ناخب .. الحلقة الثالثة
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   حرص حزب البعث الظالم, على الإمساك بمفاصل المجتمع العراقي, بالحديد والنار, ولم يستثني شريحة من ذلك, ونالت شريحة الطلبة الجزء الأكبر, لما لها من أهمية, في رسم مستقبل العراق, وبناء مجتمعه .

   ففي اللحظة؛ التي ينخرط فيها الطلبة, في صفوفهم, حرص البعث على تلقينهم شعاراته, فالحق الطلبة؛ في تنظيمات الطلائع للمدارس الابتدائية, والفتوة للمدارس المتوسطة, ومعسكرات تدريب الطلبة, للمدارس الإعدادية والجامعات, وجعلها شرطا أساسيا للنجاح, فمن لم يلتحق بها, لن يكتب له النجاح, وان حصل على اعلى الدرجات .

كنت في المرحلة الثانية, من دراستي الجامعية, ورغم إن اختصاصي هو الهندسة الكيمياوية, إلا إن أهم مادة, كانت في تلك المرحلة, هي مادة الثقافة القومية لحزب البعث, يتم تلقيننا فيها شعارات الحزب وأهدافه, كالديمقراطية التي نعرف بأنها حكم الشعب, ولكنها كانت تعني حكم الحزب الواحد, والوحدة التي جعلت العراق ممزقا, وعدوا لجميع البلدان العربية والمجاورة, وكذلك الحرية, التي جعلت من أبناء البلد, يرقدون في مقابر جماعية, تحت التراب .

   كان جميع زملائي, يحرصون على الحضور الى المحاضرة, كون الرسوب في هذا الدرس, يعني أن تعيد السنة الدراسية, ولكن لم يكن احد, يهتم لما يقوله الرفيق الأستاذ, ويتصرفون وكأن الأمر لا يعنيهم, فلا أذن سمعت ولاعين رات ما يقول أو يكتب, من كلام منمق وشعارات زائفة, ليس لها وجود على ارض الواقع, فهو وحزبه في واد, وتفكيرنا وطموحاتنا أنا وزملائي الطلبة, في واد آخر .

  كان أستاذ هذه المادة, ضعيفا مهزوز الشخصية, تحس انه غير مؤمن بما يقول, وكأنه تم جلبه بطريقة ( السخرة ), لكي يقوم بتدريسها, فكنت أتحين الفرصة, لإحراجه والانتقاص مما يقول, دون أن أشعر بعواقب ذلك, فبعد ان انتهى من تدريسنا موضوع (الاشتراكية ), وأنها النظام الذي انزل من السماء, للعدالة بين البشر وتوزيع الثروات بينهم, وأنها النظام الأنجح, سياسيا واقتصاديا لإدارة البلد, بحسب مفهوم ومتبنيات, حزب البعث الظالم .

   عندها شعرت؛ بان الفرصة قد جاءتني لإحراجه, فبادرته بسؤال استنكاري, فقلت له: أستاذي العزيز, أنت تعلم أن الاتحاد السوفيتي, الذي نظامه اشتراكي, قد أصبح دولا متعددة, هجرت هذا النظام, وتحولت الى الرأسمالية, ودول شرق أوربا, طلقته ثلاثا لا رجعة فيها, فهل تريد للاشتراكية, أن تنجح في العراق فقط ؟ قطعا إنها لن تنجح, فما كان من الأستاذ, إلا أن يرد علي, بكلمة واحدة: أنت غوغائي!!.

   كلمة كان من الممكن, إن ادخل السجن على إثرها, لو لا تدخل زملائي, وتوسلهم بالأستاذ الرفيق, بان لا أعود لمثلها, ولكني دفعت ثمنها, بان بقيت تحت مراقبة أزلام البعث, الذين كان بعضهم, زملاء لنا في الجامعة, طيلة سنين الدراسة, ولم اسلم حتى, من تفتيش أوراقي وملابسي, في السكن الداخلي  .

   أما اليوم؛ فمن حق الطلبة, أن يتنعموا بأجواء الحرية, التي تسود في مدارسهم وجامعاتهم, فلا رقابة بعثية, ولا أمن يتجسس عليهم, ليعرف همسهم وما يختلج في قلوبهم, ومن حقهم أن يعبروا عن آرائهم بكل حرية, بل وبإمكانهم إيصال أصواتهم, لأعلى هرم في السلطة, دون التفكير بالخوف, أو رخصة من اتحاد وطني, تابع للحزب الحاكم .

وانتشرت الجامعات والمعاهد, في كل ربوع العراق, بعد أن كانت تعد, على أصابع اليد الواحدة,  وأصبحوا يحصلون على المنح الدراسية, بعد أن كان الطلبة, يدفعون اشتراكات شهرية لحزب البعث, وكثرت البعثات والزمالات الدراسية للخارج, بدلا عن البعثة الوحيدة, التي كان يبتعثها الطلبة, الى معسكر الغزلاني في الموصل, لغرض التدريب العسكري .

    أصبح بإمكان الطلبة اليوم, تحقيق طموحاتهم وأمانيهم ومشاريعهم, التي كانوا يحلمون بها, فقد تعددت الطرق لذلك, وانفتحت أمامهم السبل, فلم تعد الخدمة الإلزامية, تنتظرهم حال تخرجهم, بل مستقبل زاهر, يفتح ذراعيه لاستقبالهم, ووطن ينتظر منهم إن يضعوا لبنة, في بناء غده المشرق .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/03



كتابة تعليق لموضوع : مذكرات ناخب .. الحلقة الثالثة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net