صفحة الكاتب : رواء الجصاني

قراءة للجواهري .... بعيون حميمة
رواء الجصاني
 
سليمان علي الساحلي *
 
     بعد عدة أيام في العاصمة التشيكية - براغ، قضيتها متنقلاً بين مقهى " سلافيا " و جسر "تشارلز" والقلعة القديمة ، مطلاً على نهر " فلتافا" ... أجوب الشوارع في مساءاتها مراقباً الأبراج وهي تلمع بأضواء صفراء كساها الضباب ... متأملاً فناً معمارياً مذهلاً امتزجت به قوميات وحضارات كست المدينة بطابع فريد . حقاً إنها ( مثال الحسن ) فهل لو تم خلق الشبيه سيكون مجرد فتات أو كسر من "مزهر الخلد" هذا ؟ .
   أثناء رحلة العودة من براغ إلى باريس، فالرباط، حيث ( خبّت بي الريح في مهر بلا رسن ) بدأت رحلتي مع كتاب رواء الجصاني الموسوم " الجواهري بعيون حميمة " وقد أجاد المؤلف في انتقاء العنوان إذ حمته دلالاته من أي اتهام بالانحياز أو الابتعاد عن الموضوعية، لو أختار عنواناً آخر، فلا بد أنه واجد من يرى " القوافل في حماه "  و "لا يعرف للقراع نبلا " .
     ذكريات وذكريات ... أحداث ووقائع ... " أصداء وظلال " .. شخوص وتواريخ ... مدن وعواصم .... براغ .. دمشق .. باريس ... القاهرة ..، أثينا ... عدن ، كلها تتموج على سماء الذاكرة فينهمر بها قلم المؤلف ، فيض حميمي أخّاذ " يسوح " مرة مع القصائد " ويغور"  في إحداهن ... وما تنفك الذاكرة تترى .. تعجز عن مداراة الانتشاء بالتداعي، فيزل القلم فاضحاً مايمور في جنبات المؤلف من عشــق .
   انك لم تكتب يا صديقي – رواء - إلا لتبعث الروح في تلك الحقبة وتعيد زخم الأيام الخوالي ، باعثاً ذلك المارد من قمقمه ...زافراً لواعجه وضرامه وأنفاسه الحرّى .. عصياً على الغياب ... عصياً على الموت ... من اتخذ من غربة المكان داراً وعانى قرناً أو عاناه القرن ... مواراً بغربة الزمان .. جعل من أحداقه " فراشاً للأرق" واحتمى " بطيف من غضارة الطفولة " عله ينجيه من عذابات غربته الوجودية ... ولكن هيت له وهذا الضجر " عاصاهٌ حتى رنين الكأس والوتر" .
     لقد انساب قلم المؤلف، برشاقته وتداعيه باعثاً " من شغل الدنيا والناس" من خلال أبياته وأهازيجه بما احتوت من سجعه الذي يردده " سجع الحمام وترجيع الطواحين " هذا التداعي الذي يند عن فهم وإدراك من لم يتدرج السلم الجواهري بعد .. ولكن هل ثمة وجود لهذا القارئ ؟
   وان كان لا بدّ من ملاحظة ختام، فهي اني  كنت أتمنى أن أرى " رسالة الجواهري المملحة" إلى وزير الداخلية العراقي عام 1969 من ضمن الإخوانيات ، ليس فقط لنقده سلطة عليا بأسلوب تهكمي - وإن جمعت بينهما صداقة - ولكن لما تعكسه من رأي مستنير يربو بالعفاف أن يكون" مقاس أردية"... 
-------------------------------------------
* سليمان الساحلي: مندوب ليبيا الدائم لدى المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
- كل الكلمات والعبارات والجمل المقوسة، مقتبسة من الابيات الشعرية للجواهري الخالد.
- الصور المرافقة للمادة: سليمان الساحلي، خلال زيارته لمركز الجواهري في براغ،
 والى يساره :رواء الجصاني.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رواء الجصاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/08


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • تساؤلات حول بعض الرواهن العراقية الدامية، اليوم  (المقالات)

    • هوامش وملاحظات عن بعض مؤلفات السيـرات الشخصية، والمذكرات.. وعن بعض كتابها، وكتبتها!  (المقالات)

    • الجواهري يناغـي، ويناجي والدتـه : تَعالى المجــدُ يا "قفصَ العظامِ"   (ثقافات)

    • في السنوية العشرين لرحيل الشاعر الخالد، مبدعون ومثقفون واكاديميون يكتبون:(9)  (ثقافات)

    • في السنوية العشرين لرحيل الشاعر الخالد، مبدعون ومثقفون واكاديميون يكتبون:(8)  (ثقافات)



كتابة تعليق لموضوع : قراءة للجواهري .... بعيون حميمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net