متحف العاهات للقاص المغربي أنيس الرافعي
عن دار« العين » المصرية صدر المجلد التجميعي، مزيد ومنقح : « متحف العاهات » للكاتب المغربي أنيس الرافعي، يضم المجاميع القصصية التالية : « مصحة الدمى» (2015، طبعتان )، « أريج البستان في تصاريف العميان » ( 2013، طبعتان )، « الشركة المغربية لنقل الأموات » ( 2011، ست طبعات )، و «اعتقال الغابة في زجاجة » ( 2009، خمس طبعات ) . يقع المجلد في 500 صفحة من القطع المتوسط، بإخراج جمالي جديد للأيقونات والعلامات و الصور الفوتوغرافية و الملصقات السينمائية والرموز الموسيقية المصاحبة للمتن الحكائي
معروف عن أنيس الرافعي انه قاص يثور على شكل القصة بطريقتها السردية ، فهو لا يُخضع احداث سرده الى عملية الروي ، انما يجعلها طريقة رصد وبحث عن كونها دلالات واشارات ورسائل تلتمس معان جديدة لها علاقة بالظروف الموضوعية التي نعيش . وهو بهذا ينتقل من عملية توظيف الرؤى وترجمتها الى عملية البحث والتقصي عن المعالجات والتماس النتائج ، فتراه تواق الى الحركة السردية والانتقالة الوصفية بطريقة سريعة ومؤثرة ، التي لا تتحدد بدلالاتها التقليدية شبه الجامدة ، او التي تجعل السرد يخضع الى قانون وقفي ينسلخ عن وجهة نظر الكاتب وتحفيز حسه في موضوعة المعالجة ووضع البدائل والحلول . لذا نجد تمردا وخروجا وثورة على بعض الثوابت السردية المتبعة في كتابة النمطية السردية المعروفة ، الامر الذي يجعل القاص ضمن القصاصين الذين يؤلفون علامة فارقة في السرد ، بعدما ارتضى لذاته الادبية منالا خاصا يتشارك فيه في تشخيص الهم وتحديد الملامح التي تنوف احيانا عن نمطية الاحداث وتدرجها ، لتدخل في خانة وضع الاسس التي يجدها القاص متناسبة مع عقدة السرد . الامر الذي يجعل كتابات انيس الرافعي تشكل نقلة نوعية في استلهام الذوق والوعي السردي ، الذي طالما يتحرى الاهداف البعيدة ، وينتفض على دائرة الثبوت التي لا تفضي الا للركود ليس الا .
اذن يؤلف الكاتب بل يثقف لحالة ابداعية جديدة تخرج عن صورة المألوف السردي العربي ، وكأنه ايضا يحفز لانبثاق مدرسة في ترصين اسس المعالجات ، بعدما يستحضر المأزق الكبير الذي يمر به المشهد العربي خصوصا ، ويجعل ذلك ضمن مسؤولية القاص التي تخرج عن دائرة السرد المعروفة الى محاور تعتمد البدائل ، وتضع الانسان ضمن ادوار اخرى في معالجة المأزق ، والتعامل معه بطريقة موضوعية .
وقد وضع له الناقد والأكاديمي العراقي المرموق الدكتور حسن سرحان كلمة ظهر الغلاف، هذا نصها الكامل من زاوية نظر استقبالية، الاستجابة للإضافة والإنقاص والتركيب والتفكيك. نصوص أنيس القصصيّة علامة فارقة في المشهد العربي تؤشر على نقلة نوعيّة في الذوق والوعي السرديّ الذي يتجه إلى استشراف الممكن استطيقياً ويرفض الارتهان للسائد. يبدو لي خطابُ أنيس القصصى قطيعةً مع زمن ثقافيّ يُقصي أشكالاً تعبيريّةً متميّزة لمجرّد أنها تحوي خصائص نوعيّة يراها بعض النقاد غير قابلة للوصف والتعيين. غاية ما أريد قوله هنا أن بحث القاص أنيس الرافعي المتواصل عن الأشكال الممكنة لكتابة القصة ليس دليلاً على احتقاره للحكاية. شاهدي على هذا أن كتابات أنيس لا تحيد في مجملها عن التشكّل داخل أطر البنيات السرديّة الصغرى التي يتكوّن منها العنصر الحكائيّ. كما أن هذا الاهتمام بالشكل لا يجسد يأس القاص من قدرة الحكاية على ابتكار مدارات جديدة تحتويها. إنّ هذا التنقيب والحفر الذي يدور حول الأطر يؤكد مزاج أنيس الميّال إلى جعل الحكي خاضعاً للشكل وتابعاً له ومنبثقاً عنه. النصوص التي جمعها القاص في هذا الكتاب خطيرة، صادمة، مغايرة، خلافية ومشاكسة تكشف حساسيةً خاصةً تجاه التجريب تتجاوز بكثير مرحلة السرديات الكبرى لما بعد الحداثة لتفتح أفقاً واسعاً نحو اختراع جماليات جديدة للكتابة تتمرّد على الحدود والتقسيمات والتصنيفات مهما كان نوعها. قد يجد كهنة السرد الكلاسيكيون في هذه النصوص تخريباً للقصة وهتكاً لقداسة طقوسها الكتابية، لكني أرى فيها اقتحاما شجاعاً للحساسية السرديّة التقليديّة ومحاولة فنيّة مقتدرة لتحطيم قوانين ومقتضيات بنى القص المستقرّة والمألوفة. أنيس الرافعي يكتب نصوصاً قد لا تلبي شروط السرد الموروثة لكنها تحمل، على مستوى البنائية، مشروعاً جمالياً كبيراً يستدعي التفكير والتأمل".
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat