هل كان القصد حل مفوضية الانتخابات ؟؟
كلنار صالح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كلنار صالح

لا شك ان ادلة الفساد التي عرضت اثناء استجواب مفوضية الانتخابات اثارت اهتمام وغضب الشارع العراقي لان فساد هذه المؤسسة يعني التلاعب باصوات الناخبين، وسيلة الجماهير الاقوى لصنع التغيير في النظام الديمقراطي وان امتداد يد الفساد والتزوير لها يعني ان تفقد الانتخابات في العراق قيمتها واهميتها عند الناخب.
وعليه من المفترض ان يصبح استجواب المفوضية واستعراض ادلة الفساد والتزوير وبالتالي نزع الثقة عن المفوضين وحل المفوضية على رأس مهام البرلمان ان ثبت عدم استقلاليتها وفسادها، لكن فشل الاجماع على حلها يطرح التساؤل التالي: هل ان من دعى لحل المفوضية كان بالفعل يقصد ذلك ؟
قد ياتي الجواب بان عدم حل المفوضية لم يكن بسبب من دعى لذلك وان كتلة النائب التي قامت بالاستجواب صوتت بالاجماع لحلها اضافة الى عدد اخر من النواب، وان فشل الوصول لهذا القرار جاء بسبب الكتل التي اتفقت على عدم التصويت. لكن بعمل مراجعة سريعة للطريقة التي اصبح يتبعها قادة الكتل للحصول على اجماع حول القرارات التي تدور حولها خلافات تبين عكس ذلك، وعلى رأسها كتلة دولة القانون
من هذه الطرق طريقة السلّة الواحدة، مثلما حصل عند التصويت على نواب رئيس الجمهورية الذي جُعل في سلة واحدة لضمان التصويت على خضير الخزاعي وقد اشترطت دولة القانون ان يكون تسلسله الاول في قائمة المرشحين " كي لا تنكل به الكتل وتصوت على مرشحيها ومن ثم ترفضه" (1). أو بطريقة التوافق السياسي، مثل العديد من القرارات التي طرحت او تمت الدعوة للتصويت عليها بهذه الطريقة ، كان اخرها التصويت على الترشيق الوزاري.
بمعنى لو كان في نية كتلة دولة القانون حل المفوضية كان بالامكان الترتيب للحصول على عدد كافِ من الاصوات لتحقيق ذلك مثلما فعلت مع التصويت على الخزاعي، خصوصا ان الكتل التي لم تصوت لم تنف وجود الفساد في هذه المؤسسة، واعلنت ان امتناعها عن التصويت ناتج عن مخاوفها من ان تلحق المفوضية التي سيتم تشكيلها بعد حل الاولى عمليا بالسلطة التنفيذية والتي ستتحكم بدورها في التعيينات فيها ولاحقا في نتائج الانتخابات. فأن لم يكن هذا هو الهدف من المطالبة بحل المفوضية عندها لن يكون من الصعب على دولة القانون تقديم ضمانات على الاقل لشركائها في الائتلاف من اجل تحقيق الهدف المعلن وهو ان يكون حل المفوضية بداية القضاء على الفساد المنتشر في مفاصل الدولة !. لكن صحيفة العدالة تشير في افتتاحيتها الصادرة بتاريخ الثلاثين من تموز الماضي (2) الى الطريقة التي تعاملت بها دولة القانون مع هذه المخاوف ومع المقترحات الصادرة عن نقاشات الائتلاف، حيث ان قضية حل المفوضية نوقشت " بين جميع الكتل وبشكل خاص ،في التحالف الوطني. واتفقت الاغلبية بان الموضوع ليس فوتياً.. وان هناك فعلاً حالات فساد في المفوضية كما في معظم دوائر الدولة.. واقترح اجتماع التحالف الوطني في منتصف الاسبوع الماضي تشكيل لجنة لوضع آلية تمنع قيام فراغ في حالة التصويت بنزع الثقة، عن بعض او جميع المفوضين. لكن "دولة القانون" فضلت الذهاب منفردة.".
اضافة لما سبق كان هناك من وضع شروطاً لسحب الثقة عن المفوضية منها تغيير قانون الانتخابات ووضع اليات جديدة لاختيار مجلس المفوضية.
واذا كان حل المفوضية مهم ويعبر عن مطلب جماهيري فأن تغيير قانون الانتخابات لا يقل اهمية عنه ان لم يكن بنفس الدرجة من الاهمية، فالقانون الحالي كان سببا لعزوف عدد لا بأس به من الناخبين عن الادلاء بأصواتهم وذلك بسبب التعديلات التي اجريت عليه والتي جعلت اصوات القوائم التي لم تحصل على القاسم الانتخابي تذهب الى القوائم الفائزة وهذا يعني ان يجد من ادلى بصوته لقائمة معينة او مرشح، ان صوته قد تحول الى قائمة او مرشح اخر قد يجده ابعد ما يكون عن تمثيله !. واكمل الاجهاز على الكتل الصغيرة بمنح المقاعد التعوضية للقوائم الفائزة . فهل خفي على دولة القانون كل الاعتراضات الشعبية او من قبل اطرف سياسية على هذا القانون قبل وبعد اجراء الانتخابات وما ادى اليه تطبيق هذا القانون ؟!
لذا فأن القبول بشرط تغيير قانون الانتخابات مقابل حل مفوضية فاسدة كان سيبدو مكسبا اخر يوضع في كفة كتلة دولة القانون قبل غيرها، لان من يدعو الى حل مفوضية فاسدة يفترض ان لايعترض على تعديل او تغيير قانون يقوم بسرقة اصوات الناخبين لمصلحة الكتل الكبيرة !. ولو تحقق حل المفوضية وتعديل قانون الانتخابات لكان في ذلك مكسب اخر يصب في مصلحة الناخب ولتحسين صورة معظم الكتل التي صارت متهمة من قبل الشارع العراقي بكونها تتصارع فقط من اجل مصالحها الخاصة !.. لكن يبدو ان دولة القانون كانت تستعجل حصول التصويت بنتائجة التي عُرفت مسبقا لتسد الطريق على اي شروط او اقتراحات اخرى، رفضها قد يسلط الضوء على الغرض الحقيقي من الاستجواب وقبولها قد يعمل بالفعل على حل مفوضية الانتخابات..!
من كل ما سبق نستنتج ان كتلة دولة القانون لم تكن جادة في موضوع حل المفوضية، وان القصد من القضية كلها هو الحصول على كسب اعلامي وتأييد شعبي ضد اطراف وكتل اخرى، باعتبارها الكتلة التي تصدت للفساد وان من لم يصوت لحل المفوضية انما اختار الانتصار للمفسدين !
(1) http://www.almadapaper.net/news.php?action=view&id=40471
(2) http://www.aladalanews.net/index.php?show=news&action=article&id=82752
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat