صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

إمكانية التقارب السني الشيعي بعد داعش
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

واحدة من أهم النقاط التي يمكن أن يلتقي عليها السنة والشيعة فيما لو تم التخلص من تنظيم داعش وتطهير مدينة الموصل من عناصره هي العلاقة مع الأكراد المتطلعين الى دور أكبر ووجود أخطر في ظل التحولات الدولية والإقليمية والصراع من أجل الوجود ومحاولة التأسيس لكيان إقليمي منفصل عن المنظومة الإقليمية التقليدية التي كانت تضع الأكراد وعلى الدوام تحت مطرقة الضغط والتنكيل والمنع من التطلع الى مستقبل مختلف.

الأكراد يتوسعون في الجهات الأربع، فهم في العراق يحكمون إقليمهم الخاص المتكون من ثلاث محافظات ويطمعون في كركوك ويحاولون قضم الموصل، ويتطلعون الى مدن وقصبات عديدة تتصل بإيران وتركيا وسوريا وفي العمق العراقي، بينما يحاولون التوسع في سوريا الممزقة ويضغطون في تركيا ويمارسون عنفا غير مسبوق ضد الجيش التركي برغم مايعانيه المدنيون من إعتداءات حكومية في جنوب البلاد.

يعاني العرب السنة من مشاكل عميقة وعقيمة على مستوى المنظومة السياسية الغارقة في المشاكل، لكنهم يواجهون خطر السيطرة الشيعية المطلقة على بغداد وبقية المدن ذات الأغلبية الشيعية، ويحاولون التركيز على مايشكله التكوين المسلح للشيعة من تحد في مناطق يسيطر عليها داعش، وشارك الحشد الشعبي الى جانب القوات النظامية والعشائر في تحريرها، الرمادي وتكريت والفلوجة وديالى مثلا، لكن لايبدو أن الشيعة سيحكمون سيطرتهم على مناطق السنة البعيدة عن تجمعاتهم السكانية في الوسط والجنوب، ولهذا فإن المشكلة الأكبر قد تتمثل في التوسع الكردي الذي يريد إحكام قبضته على كركوك الغنية بالنفط والتي يقطنها عرب وتركمان وكرد لكن العرب والتركمان هم الأكثر تضررا من الطموحات الكردية في المدينة، ولايبدو أن التركمان لديهم قدرة المواجهة مع الأكراد إلا في حال تحالفهم مع العرب السنة هناك، وواضح أن البيشمركة حققت تقدما لافتا بدعم دولي في مناطق من الموصل كان تنظيم داعش يسيطر عليها وهم برفضون مغادرتها، بينما تؤكد تقارير وتصريحات نية كردية في ضمها الى إقليم كردستان، وهو الحال الذي ينسحب على مناطق في صلاح الدين وجنوب كركوك وشمال ديالى وشرقها.

بعض القيادات الشيعية الناقمة على التمدد الكردي تصرح بان المناطق المتنازع عليها مع الاكرد عربية وستبقى كذلك وهم مستعدون للقتال من اجلها وعي في الغالب مناطق للعرب السنة الذين يعانون من الحرج في علاقتهم مع الأكراد حيث يرون توسعهم في مناطقهم لكنهم يعانون أكثر من أزمتهم الحالية مع الشيعة، وهذا ماقد يشكل التحدي الأكبر في مرحلة مابعد داعش ويمكن أن يتصوره البعض نوعا من السكون المؤقت حتى تحين لحظة الحقيقة ويجد العرب السنة أن مناطقهم قد أعلنت جزءا من إقليم كردستان وسيكونون بحاجة الى دعم عربي ومحلي من بقية المكونات العراقية، وكذلك الحكومة المركزية وهو مايمكن أن يؤدي الى صراع مسلح بين العرب السنة والشيعة ومعهم التركمان ضد الأكراد.

البرلمان العراقي الجامع لكل المكونات يمكنه أن يلعب دورا حيويا في تحديد ملامح المرحلة المقبلة خاصة وإنه تجاوز مجموعة من المحن الصعبة، وتمكن من فرض إستراتيجية طموحة وإن لم تكن كافية لكنها تصلح لتكون سبيلا لتوضيح نوع العلاقة بين المكونات والتأسيس لشراكة تقفز على الطائفية والعرقية وتضع الأمور في نصابها بخصوص المنازعات على الأراضي، ونوع الفعل السياسي الذي يمارسه الجميع ويجب أن يفهموا أهميته القصوى في جمع العراقيين وترسيخ إيمانهم بالمواطنة، وعدم التشدد في تحقيق المطالب، بل النظر الى المكونات جميعها بأنها صاحبة حق وهي بحاجة الى تأكيد ذلك الحق وفق الدستور والقانون والحوار الجامع.

Pdciraq19@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/11



كتابة تعليق لموضوع : إمكانية التقارب السني الشيعي بعد داعش
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net