صفحة الكاتب : عزيز الابراهيمي

متى تستفيق المـدن؟
عزيز الابراهيمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يشكل اهالي الريف في الفترة التي سبقت عقد الستينات نسبة تصل الى 70% بينما لايتجاوز اهالي المدينة 30% من سكان العراق, ورغم هذا التفاوت الكبير الا ان الحياة المدنية بأعرافها, وتقاليدها, واحترام القانون والهيبة لرجال الامن, كان يشار لها بالبنان, فيروي لنا من عاش هذه الفترة مقدار الهيبة التي تكسوا رجل الشرطة عندما يذهب الى القرى ممتطياً حصانه, وكيف يدخل الذعر في قلوب اشد الرجال بأساً.

 
بعد تسلم العسكر للسلطة, وارتفاع اسعار النفط, والخلل الكبير الذي اصاب المجتمع العراقي نتيجة فقدان التخطيط, والانتقال الفج من مجتمع ينتج في قطاع الزراعة, الى مجتمع  يعيش على ما تدره اسعار النفط  الذي تملكه الحكومة, رافق هذا التحول في اقتصاد البلد ونظامه السياسي خلل في تركيبته الاجتماعية, فانعكست النسبة اعلاه لصالح سكان المدينة, في ظل هجرة كبيرة لاهالي الريف, ولكن لم يرافق كل ذلك نمو لقيم المدينة واعرافها, بل تراجعت لصالح الاعراف والتقاليد العشائرية.
 
لا يصح ان ننتقد الاعراف والتقاليد العشائرية, فهي ربما مثلت بديل جيد في ظل غياب لسلطة الدولة وهيبة القانون في كثير من الاوقات, اضافة كثير من القيم الجيملة التي تشتمل عليها, ولكن يجب ان ينصب النقد على تكاسل اهل المدن في اخذ زمام المبادرة, وبناء حياة مدنية بكل مظاهرها, من نقابات فاعلة, ومنظمات مجتمع مدني هادفة, واهتمام بالثقافة بكل صنوفها, وتطوير الحياة السياسية من خلال الاهتمام بالعمل الحزبي بالاقبال على الاحزاب القائمة, او انشاء احزاب جديدة, والاهتمام بالعملية الانتخابية باعتبارها الالية الدستورية في انتاج الحكومات.
 
لعل الشاهد على تراجع القيم المدنية, هو ما نراه في كل انتخابات اذ يلجئ المرشحون الى العشائر والارياف لكسب اكبر عدد من الاصوات, لسهولة المؤونة عليهم, فليس لهم الا ان يستنهضوا الفزعة في نفوس ابناء عمومتهم, ويلوحوا لهم ببعض الوعود على شاكلة (الهور مرق والزور خواشيك), وليس الامر فرضيا بل من خلال متابعة نتائج الانتخابات للدورات السالفة, يتبين ان نسبة المشاركة في القرى والارياف, تفوق مشاركة اهل المدينة التي تخلوا فيها الصناديق الا من بعض الوريقات.
 
المشاركة الفاعلة في الانتخابات من قبل ابناء المدن هي التحدي الذي يواجه الجميع, من اجل اعادة الحياة المدنية, وان تكون معايير الانتخاب حسب البرامج الانتخابية والكفاءة للشخص المنتخب, وبدون هذه الممارسة الواعية, لا تفيد ساعات التظلم والتباكي على غزو المدن وحكمها من ابناء العشائر.   

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عزيز الابراهيمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/26



كتابة تعليق لموضوع : متى تستفيق المـدن؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net