تضامن مع الشعب وليس مع اردوغان
ماجد زيدان الربيعي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كثرة من مواطني دول الجوار شعروا بارتياح عند وقوع الانقلاب الفاشل في تركيا، وذلك للخلاص من حاكم حاول ان يعيد عهد العثمنة ومآسيه، وتدخل ودس انفه في كل مشكلات جيرانه.
الدول تضامنت مع العملية الديمقراطية في تركيا وشعبها والميل العالمي نحو التغيير السلمي ، وليس مع الرئيس اردوغان ، فهي ترى في ان يكون التغيير مؤسساتي وعن طريق صناديق الاقتراع في أي بلد يمتلك مثل هذه المؤسسات حتى لو كانت تعاني من عيوب ونواقص وتسلط ونوع من الدكتاتورية باسمها واستثمارها. ومن هنا كان الحراك الجماهيري لافشال الانقلاب وللدفاع عن المؤسسات بغض النظر عن مدى القناعات فيها
المشكلة في تركيا داخلية وخارجية فهي بلد يعاني من تسلط حزب التنمية والعدالة الاسلامي وقادته الذين اطفأوا بصيص ضوء التغيير وتطوير التجربة بتعميق الديمقراطية فيها وتحقيق عدالة اجتماعية تضمن حياة في حدها الادنى وتقي مواطنيها من الجوع مما يدفع نحو المغامرة لتصحيح الاوضاع ، فضلا عن ان اردوغان سعى بشكل محموم نحو التفرد بالسلطة وهو لا يملك الاغلبية لتغيير الدستور وطبيعة النظام وتطاول على المؤسسات الشرعية في بلاده، مما ادى الى نفور قوى كبيرة منه، وخصوصاً انه اتخذ قرارات اتسمت بالقمع السافر للحريات و محاولات اخضاع القضاء ومطاردة المعارضين لحكمه مما اثار شهية العسكر لاستعادة مواقعهم في السلطة وصناعة القرار التي تقلمت في السنوات الاخيرة.
المتابع الى الشأن التركي يلحظ ما بعد الانتخابات الاخيرة ان اردوغان ضاق ذرعاً بالتمثيل السياسي للقوميات في البرلمان التركي، ناهيك عن ازدياد النشاط العسكري للقوى المطالبة بحقوقها القومية ، الى جانب انه هناك دلائل على دعم تركيا للمنظمات الاسلامية المتطرفة والتدخل في شؤون الاخرين وعجرفة سياسية لا تتفق مع مبادئ حسن الجوار والقانون الدولي.
لقد جاء الانقلاب بعد ان غير اردوغان سياسته الخارجية مئة بالمئة فابتلع كل ما قاله عن الازمة مع روسيا واعتذر منها، واجرى تطبيعاً للعلاقات مع اسرائيل وهو الذي كان يزايد على العرب والفلسطينيين في ذلك، وابدى استعداداً لمراجعة سياسته وعدائيته لسوريا، واتصل مع الاسد.. هذه الدلائل وغيرها من التغيير لم يسبقها تمهيد داخلي وتثقيف بضرورتها ومبرراتها واعطت الحجج ان القيادة التركية تتلاعب بمقدرات بلادها، والازمة ولدت شرخاً في قمة هرم السلطة بخروج داود اوغلو وعبد الله غول.
ان هذا الوضع الذي نشأ في البلاد لا يمكن حزب العدالة والتنمية واردوغان من الحكم بالطريقة السابقة حتى وان تمكن من قمع المعارضة لحكمه والتفرد. يتوقع ان يكون اردوغان اقل دكتاتورية وايقاف مشروعه في تعديل الدستور وبناء نظام رئاسي بصلاحيات واسعة هذا اذا استوعب الدرس وراجع سياسته السابقة واستمر في تحسين علاقاته مع جيرانه.
من خلال ردات الفعل على الانقلاب لم نجد من تعاطف او حزن على رحيل اردوغان لو تحقق فالكل يرى فيه حاكما غير متزن في سياساته واستعدى دول الجوار بتدخله في شؤونها الداخلية.
اخيراً تقول ان زمن الانقلابات قد ولى ولم يعد له مكان على مسرح بناء التاريخ، والاستقرار والامان يتطلب الحفاظ على الديمقراطية وهناك فرق بين الاشخاص كحكام وقيادة السلطة وبقاء المؤسسات التشريعية سليمة، والتغيير من خلالها هو الاجدى والاكثر ثباتاً ويؤمن المصالح للدول المعنية والمنطقة.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
ماجد زيدان الربيعي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat