ذكرى مرور ثمانية وستين عاماً على النكبة: كانت نكبة فصارت نكبات!!
د . ابراهيم العاتي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . ابراهيم العاتي

فدعي له الإمام الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، والشيخ محمد بهجة الاثري، والشيخ حبيب العبيدي من (العراق)، والشيخ رشيد رضا والشيخ مصطفى الغلاييني (لبنان)، والسيد محسن الأمين (جبل عامل)، والشيخ محمد مصطفى المراغي (شيخ الجامع الأزهر السابق)، وكذلك الشيخ عبد العزيز الثعالبي من (تونس)، الشيخ مفتيج سالم (رئيس مجلس علماء البوسنة والهرسك)، الشيخ محمّد عبد اللطيف درّاز، والشيخ محمّد الغنيمي التفتازاني، مولانا شوكت علي، غلام رسول مهر، عبد الرحمن صديقي، والشاعر الفيلسوف محمّد إقبال.
ومن الكتاب ورجال السياسة: شكري القوتلي، سعد اللّه الجابري، رياض الصلح، عمر الداعوق، محمّد جميل بيهم، علي ناصر الدين، سعيد الشيخ ثابت، محمّد بنونة، محمّد مكي الناصري، محمّد علوبة باشا، عبد الرحمن عزام، الأمير سعيد الجزائري، خير الدين الزركلي، محمّد عزة دروزة، عجاج نويهض، ووفود من سيلان وكاشغر والقفقاس وجاوة ونيجيريا وأورال وألبانيا ويوغسلافيا.وشارك في المؤتمر رئيسان سابقان للحكومة هما حسن خالد باشا (الأردن)، ضياء الدين الطباطبائي الصدر الأعظم السابق لإيران (1).
فكان بذلك من أعظم المؤتمرات التي عرفتها فلسطين وربما المنطقة العربية كلّها حتّى ذلك الوقت. والواقع أن أهمية المؤتمر لم تكن في عدد الحضور الكبير فقط، بل وقبل ذلك في نوعيتهم ومكانتهم الفعلية بين الناس. وكذلك لأنه وضع الأساس الاستراتيجي لتكوين جبهة عربية إسلامية مناصرة للقضية الفلسطينية، وأن الشعب الفلسطيني لن يحارب الحركة الصهيونية والداعمين لها في الغرب لوحده، بل ستقف معه الشعوب العربية والاسلامية مجتمعة.
وقد بقيت هذه السياسة قائمة لنصرة الشعب الفلسطيني وهو: بين نار الاحتلال البريطاني ونار الهجرة اليهودية! فسياسة جمع الكلمة هي الصخرة الصماء التي كانت تتحطم عليها مؤامرات الأعداء، بينما التفرقة والتناحر هو السلاح الاخطر بيد العدو الذي قد يهزم به خصومه دون ان يحتاج لشن الحروب او تقديم الضحايا!
وبعد ثمانين عاماً ونيف من هذا التاريخ، تتغير السياسات العربية والإسلامية، وتنقلب انقلاباً مخيفاً. فصار الذي يقاتل الصهاينة مغتصبي الأرض إرهابياً، وأصبح الكيان الغاصب صديقا وحليفا للدول العربية (السنية)!...لا بل ان اسرائيل لم تعد تتكلم عن تضامن إسرائيل مع دول الاعتدال العربي، ولكنها أصبحت تركز على مساندة الدول (السنية) في مواجهة إيران (الشيعية). وفي تصريح أخير لرئيس الوزراء الإسرائيلي ذكر أن بلاده تسعى لإقامة علاقات وطيدة مع الدول (السنية) المعتدلة في الشرق الأوسط، في مواجهة الإرهاب وتمدد النفوذ الإيراني!! (2).
انه لعجب عجاب، ونكبة جديدة، ان تتحدث اسرائيل بخطاب طائفي تظهر فيه وكانها تنسق مع (السنة) وبخاصة الدولة التي ترفع لواءهم وتحمي حماهم!..فهل كان الفلسطينيون الذين اغتصبت ارضهم، وارتكبت المجازر بحقهم، وشردوا في اصقاع الارض، إلا (سُنّة)؟! ..فعلى من يضحكون، وأي عار يجمّلون؟ ..وحقا ما اشار اليه الاستاذ فهمي هويدي من ان (الملعوب ليس جديدا، لأن عرضه مستمر لاكثر من عام)، وقد جاءت لقاءات مدير المخابرات السعودية السابق الامير تركي الفيصل مع عدد من المسؤولين الصهاينة، وحديثه عن السلام والعلاقات المستقبلية بين حكومة (حامي الحرمين) وبين مغتصبي القدس (اولى القبلتين وثالث الحرمين)، وكذلك لقاءات اللواء انور عشقي رجل المخابرات السعودي، لتؤكد سياسة التطبيع بين الكيان الصهيوني ومشيخات الخليج، وان (كامب ديفيد) سعودية- صهيونية قادمة في الطريق!
لكن هذا الخطاب الودي والمسالم الذي تستخدمه السعودية مع الكيان الصهيوني، يقابله خطاب عنيف وتحريضي وممارسات دموية في التعامل مع جيرانها العرب والمسلمين، وسياستها في اليمن وسوريا وتدخلاتها ومفخخاتها في العراق تؤكد ذلك، متوهمين ان تنفيذهم لمطالب الصهاينة يضمن بقاء عروشهم التي بدأت تهتز مؤخرا على وقع انفضاح ادوارهم في دعم الارهاب وتصنيعه، وخاصة في واقعة تفجير برجي التجارة في نيويورك. ولكننا نذكرهم بأن مصيرهم لن يكون احسن من مصير الذي قام بزيارته المشؤومة الى القدس، وداس على دماء الشهداء الذين حطموا خط بارليف في ملحمة العبور عام 1973(فاعتبروا يا أولي الابصار) (صدق الله العلي العظيم).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد حافظ يعقوب: في مواجهة العزلة، القدس والنجف في المؤتمر الاسلامي العام، ص73، ضمن كتاب (النجف الاشرف- اسهامات في الحضارة الانسانية)، ج2، لندن، 2000.
(2) فهمي هويدي: إسرائيل السنيَّة، بوابة الشروق المصرية، 8/1/2016.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat