صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

سرالإتفاق الروريكي في سوريا
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

     أوباما يحذر الحلفاء من اللعب على الوتر الطائفي، ويريد من إيران والسعودية أن يتفاهما لحل المشاكل بينهما وبهدوء، وأن يتعاونا أكثر، هي بالتأكيد ليست وصية من رجل داهمته المنية ويريد جمع أبناءه ليوصيهم مايفعلون من بعده على إعتبار إن الرئيس الديمقراطي سيغادر البيت الأبيض في غضون عام من الآن، وهو يريد تسهيل المهمة على الرئيس المقبل الذي يأمل أن يكون السيدة هيلاري كلنتون، وليس منافسها المشعوذ دونالد ترامب..الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يأمر بسحب القوات الأساسية من سوريا بعد أن أنجزت المهمة كما قال، وموسكو تعلن إن قرار سحب القوات تم بالإتفاق مع الرئيس بشار الأسد على أن تحتفظ بوجودها في قواعدها في حميميم وعلى الساحل لمراقبة الهدنة وتقديم الدعم للقوات السورية في قتالها ضد داعش والمجموعات الإرهابية، ولانعلم هل سيبقى نظر الروس على المعارضين المدعومين من الغرب ودول الخليج، أم سيقتصر على داعش والنصرة خاصة وأن هذه القوى المدعومة من الغرب والخليج تعرضت لضربات عنيفة قبل الهدنة وليس مؤكدا ماإذا كانت ستترك طموحها في الزحف نحو دمشق والتخلص من الرئيس الأسد الذي تؤكد المعارضة أن بقاءه في المرحلة الإنتقالية غير ممكن، بينما يصر وزير خارجيته على بقائه، وعدم المساس به، أم إنها ستذعن لإرادة القطبين العالميين الأكثر سطوة وقوة ونفوذا؟

     لاشك في أن هناك تفاهما حقيقيا بين موسكو وواشنطن على جملة إجراءات في سوريا للوصول الى تفاهمات نهائية تضمن مصالح موسكو بعيدا عن التجاذبات في المنطقة، ويمكن القول إن هذا الإتفاق سرى منذ أن بدأ النظام السوري تسليم مالديه من أسلحة كيمياوية وبإشراف أممي ومراقبة أمريكية روسية مشتركة، ثم الدخول العاصف للروس جوا وبرا وبحرا لدعم الأسد على الأرض ماأدى الى هزيمة قاسية لقوى المعارضة، وتقدم لافت للجيش حتى حلب في الشمال، وصار قريبا من الحدود التركية، عدا عن نجاح الكرد في حماية المناطق التي كانت تحت سيطرتهم، وتحرير أخرى من نفوذ داعش وبدعم أمريكي أغضب أنقرة وهيج لديها مكامن القلق من المطامح الكردية في الإستقلال وتغيير الجغرافية في سوريا وتركيا بعد أن تم التمهيد لذلك من خلال منجز كردي لافت في شمال العراق تطور رويدا على مدى العقدين الماضيين.

     القرار الروسي بسحب القوات جاء بعد النجاح الفعلي في تغيير موازين القوى على الأرض، لكنه يشكل علامة تحول كبرى في الصراع، وليس ممكنا الآن تحديد ماإذا كان لصالح المعارضة أم هو مجرد عن الحسابات بإعتبار إنتهاء الحملة الروسية بتحقيق الأهداف، وقتل مئات الإرهابيين المسلمين القادمين من جمهوريات الإتحاد الروسي الى بلاد الشام، والذين هلك منهم ألفان حتى اليوم، فالقضية السورية تشهد منعطفا خطيرا مع إنطلاق جولة مفاوضات شاقة في جنيف يراد لها أن تكون حقيقية وتخرج بنتيجة مقنعة، وهو مايفسر إلحاح مراقبين على إن القرار الروسي بسحب القوات مرتبط بها كرغبة روسية أمريكية بتحقيق نجاح وإنهاء الأزمة من خلال الضغط على الأسد، بينما تقوم واشنطن بحمل حلفائها على التسليم بجملة معطيات، وتوافق على الحل الذي لن يرضي الجميع، ولكنه يمهد للحل.

     قد يكون هناك إتفاق في هذا الشأن، فالمفاوضات السرية بين الروس والغربيين والعرب تركزت خلال الفترة الماضية على إقناع موسكو بحل وسط يضمن لها البقاء في مناطق الساحل التي يسيطر عليها العلويون وقوات الأسد مع الإحتفاظ بجيب لهم هناك، ثم يتم مد نفوذ المعارضة المدعومة من السعودية وتركيا الى المناطق السنية، يقابل ذلك سيطرة سيطرة قوات حماية الشعب الكردي على بعض المناطق التي يوجد فيها سكان كرد في الشمال والشمال الشرقي، وهي صفقة لاتبدو معقدة خاصة وإن موسكو متحمسة لمصالحها وليس للأسد، أو لمجرد الدخول في لعبة دامية طويلة ومرهقة، بينما يريد الرئيس أوباما التخلص من الأعباء وتقديم الدعم للمرشح الديمقراطي المقبل بعد أن نجح في إستخلاص إتفاق نووي شاق مع إيران، وهذا ماسيمكن الديمقراطيين من مخاطبة الأمريكيين دون مخاوف على إعتبار النتائج، وليس الصراخ والإنفعال كما في حالة المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

     وإذن ومهما كان السبب الذي دفع الرئيس فلاديمير بوتين الى سحب قواته من سوريا، فإن موسكو لن تتجاهل مصالحها، ولو لم تكن حصلت على ماتريد الآن مع ضمانات لمستقبل تلك المصالح لما أقدمت على مثل هذه الخطوة الصعبة التي ينظر لها البعض للوهلة الأولى على أنها ضربة قاتلة في خاصرة الأسد، وربما تكون أبعد من ذلك لعلها تحسم الصراع لصالح الحل.

   Pdciraq19@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/17



كتابة تعليق لموضوع : سرالإتفاق الروريكي في سوريا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net