صفحة الكاتب : عامر ناصر

لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة) . الجزء الثاني
عامر ناصر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الصحابة هم مجتمع بشري يحوي الصالح والطالح، وكون أن هنالك رسول أتفق وجوده مع وجودهم هذا ليس كافٍ أن ينقل كل ذلك المجتمع من قمة الجاهلية إلى قمة العدالة، وكم هنالك مجتمعات عاش بينها عشرات الأنبياء لم يمنعهم ذلك من عذاب الله، فبنوا إسرائيل كانوا يقتلون ألأنبياء ، قال تعالى { أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ }(87) البقرة 

 

*- عن العلاء بن المسيّب عن أبيه قال: لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما فقلت: طوبى لك صحبت النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وبايعته تحت الشجرة فقال: يا بن أخي إنّك لا تدري ما أحدثناه بعده. (صحيح البخاري:).

* وإنّها لشهادةٌ كبرى من صحابي كبير كان على الأقل صريح مع نفسه ومع النّاس، وتأتي شهادته مؤكّدة لما قاله الله فيهم (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) ومؤكّدة لما قاله النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في أحاديث الحوض التي وردت في البخاري : «فيقال لي، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى».

والبراء بن عازب وهو صحابي جليل من الأكابر ومن السّابقين الأوّلين الذين بايعوا النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم تحت الشجرة يشهد على نفسه وعلى غيره من الصحابة بأنّهم أحدثوا بعد وفاة النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كي لا يغترّ بهم النّاس، وأوضح بأنّ صحبة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ومبايعته تحت الشجرة والتي سمّيت بيعة الرضوان لا تمنعان من ضلالة الصحابي وارتداده بعد النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم.

*- وأخرج البخاري في جزئه الثامن في باب قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلم: لتتبعنّ سنن من كان قبلكم. عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: لتتّبعنَّ سنن من كان قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراع حتّى لو دخلوا جحر ضبٍّ تبعتموهم ـ قلنا: يا رسول الله اليهود والنّصارى قال: فمن؟ (صحيح البخاري) .

*- ما معنى المعية- الوجود او التواجد في زمن النبي(ص)- هنا؟ هل هي معية الزمان؟ أم معية المكان؟ أم هي معية من نوع آخر؟

إن كان المقصود بهذه المعية هو معية الزمان والمكان، فأبو جهل وسجاح والأسود العنسي، والمنافقين كانوا معه وكذلك المشركون، من الواضح أن لا يكون المقصود ذلك، وإنما معية من نوع آخر، وهي من كان معه على المنهج ومؤيداً وثابتاً على ما عاهد الله عليه، والدليل على ذلك ذيل الآية {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم} ف(منهم)، تفيد التبعيض ، وإلا دخل في المعية أولئك المنافقون الذين مردوا على النفاق كما جاء في قوله تعالى: ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)التوبة

 

- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ : « هَؤُلاَءِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَلَسْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ بِإِخْوَانِهِمْ، أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا، وَجَاهَدْنَا كَمَا جَاهَدُوا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « بَلَى، وَلَكِنْ لاَ أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِي ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ قَالَ : أَئِنَّا لَكَائِنُونَ بَعْدَكَ؟0 (موطأ مالك ومغازي الواقدي و موسوعة اطراف الحديث و الروض ألأنف )0

 

- عن ثوبان : قال : اجتمع أربعون رجلا من الصحابة ينظرون في القدر والجبر فيهم أبو بكر و عمر فنزل الروح الأمين جبريل على النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد أخرج على أمتك فقد أحدثوا فخرج عليهم في ساعة لم يكن يخرج عليهم فيها فأنكروا ذلك منه وخرج عليهم ملتمعا لونه متوردة وجنتاه كأنما تفقأ بحب الرمان الحامض فنهضوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم حاسرين أذرعهم ترعد أكفهم وأذرعهم فقالوا : تُبنا إلى الله ورسوله فقال : ( أولى لكم إن كدتم لتوجبون أتاني الروح الأمين فقال أخرج على أمتك يا محمد فقد أحدثت )؟؟؟!!!( المعجم الكبير للطبراني وجامع الاحاديث والتبويب الموضوعي للاحاديث) 

 

- \" ليردن علي الحوض رجال ممن صحبني ورآني، حتى إذا رفعوا إلي ورأيتهم اختلجوا دوني، فلأقولن: رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك \" .؟؟؟!!!انظر الى قوله (ص) (صحبني ورآني)

-وعن عبد الله بن رافع المخزومي، عن أم سلمة، قالت: فسمعته يقول:

\" أيها الناس، بينما أنا على الحوض جئ بكم زمرا، فتفرقت بكم الطرق، فناديتكم: ألا هلموا إلى الطريق فناداني مناد من بعدي، فقال: إنهم قد بدلوا بعدك.؟؟؟!!!( مسند احمد)

 

- حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَتْ أَسْمَاءُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « أَنَا عَلَى حَوْضِى أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ ، فَيُؤْخَذُ بِنَاسٍ مِنْ دُونِى فَأَقُولُ أُمَّتِى . فَيَقُولُ لاَ تَدْرِى ، مَشَوْا عَلَى الْقَهْقَرَى » . قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ .( صحيح البخاري ،وقد تكرر حديث الحوض عدة مرات)

- وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِى يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِى أَصْحَابِى . فَيَقُولُ ، إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ . فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ ( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ )(البخاري)؟؟؟!!!وقد تكرر الحديث 4مرات .

 

- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ . فَقُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ . قُلْتُ وَمَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى . ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ . قُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ . قُلْتُ مَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى . فَلاَ أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلاَّ مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ »(البخاري) .( همل النعم : آحادها الضائعة )

 

ثبت من أحاديث رسول الله(ص) التي سقناها قبل قليل أن قسما من الصحابة سيبدلون من بعده وسيرتدون على أعقابهم وسيؤمر بهم إلى النار. ومن أخرج هذه الأحاديث البخاري ومسلم، وهما في نظر المقلدين يأتيان بعد القرآن في الصحة والاعتبار،

فكيف نوحد بين قولهم بأن الصحابة كلهم عدول وكلهم في الجنة ولا يدخل أحد منهم النار وبين هذه النصوص النبوية القاطعة والمتواترة والتي يؤيدها واقع الحال ؟

وطالما أنه لا يمكن التوحيد بين المزاعم والنصوص، فإن نظرية عدالة كل الصحابة منقوضة من أساسها، لأنها تتعارض مع الغاية من الحياة وهي الابتلاء، وتتعارض مع روح الإسلام التي تربط الحياة القويمة بالعمل الصالح واستمرار التواصي بالحق والصبر عليه وتتوج كل ذلك بحسن الخاتمة.

* روى ابن عرفة المعروف بنفطويه، وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم كما جاء في شرح النهج للمعتزلي: \" إن أكثر الأحاديث في فضائل الصحابة قد إفتُعِلَتْ في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون أنوف بني هاشم. وقد صيغت بأسلوب يجعل من كل صحابي قدوة صالحة لأهل الأرض وتصب على كل من سب أحدا منهم أو اتهمه بسوء كما جاء فيما رووه عن أنس بن مالك: (من سب أحدا من أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ومن عابهم أو انتقصهم فلا تواكلوه ولا تشاربوه ولا تصلوا عليه). وقد جاءت بهذا الأسلوب ولم تفرق بين صحابي وصحابي \".

ثم ان عدالة الصحابة لم تمنح الى رسول الله (ص) كما منحوها الى كل الصحابة ؟؟؟!!! وقد عابَ النبيَ (ص) الصحابةُ أنفسهم - عن أبي سعيد الخدري قال :

: بينا النبي صلى الله عليه و سلم يقسم ذات يوم قسما فقال ذو الخويصرة -رجل من بني تميم- يا رسول الله إعدل قال ( ويلك من يعدل إذا لم أعدل ) (البخاري)، فهل للصحبة مكانة أعظم من مكانة النبوة ؟ فإذا كان سيد البشر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: \" أنا بشر أصيب وأخطئ \"كما تذكرون- فكيف تعممون العدالة على جميع الصحابة وتعتبرون من يناقشكم بالأمر زنديقا ؟

-قال عبد الله بن أبي بن سلول: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل؛ فقدم عبد الله بن عبد الله بن أبي الناس حتى وقف لأبيه على الطريق، فلما رآه أناخ به وقال: لا أفارقك حتى تزعم أنك الذليل ومحمد العزيز، فمر به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال:( دعه فلعمري لنحسنن صحبته ما دام بين أظهرنا! )( طبقات ابن سعد ) إذن، يكون المنافق صحابيّاً،؟؟؟!!!

- إنّ ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ، والمذكور على ألسنة الثقات، يدلّ بظاهره على أنّ بعضهم ـ بعض الصحابة ـ قد حاد عن طريق الحق، وبلغ حدّ الظلم والفسق، وكان الباعث له الحقد والعناد، والحسد واللداد، وطلب الملك والرئاسة والميل إلى اللذات والشهوات إذ ليس كل صحابي معصوما ولا كل من لقي النبي صلى الله عليه وسلم بالخير موسوما (شرح المقاصد للتفتزاني)

من كل ما سبق يظهر ان الرضا المزعوم لجميع الصحابة ما هو إلا تلفيق أُريد منه تلطيف صورة اؤلئك الذين تصدوا للحكم ، وكما قيل التاريخ يكتبه المنتصرون ، ثم جاء بعد المنتصرين هؤلاء المُنَظِّرون ، فوضعوا لنا تعاريف ونظريات وقواعد ما أنزل الله بها من سلطان انتصارا لاهواء اؤلئك ، وقد جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : (شرّ النّاس من باع دينه بدنياه ، و شرّ منه من باع دينه بدنيا غيره)؟؟؟!!! ثم جاؤنا وجعلوا للصحابة هالة من القداسة لم تمنح للرسول الكريم(ص)

وإنا لله وإنا اليه راجعون .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عامر ناصر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/15



كتابة تعليق لموضوع : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشّجرة) . الجزء الثاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net