صفحة الكاتب : علي علي

حين ينضب نفطنا..!
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   من الشعارات التي كان النظام السابق يجترها منذ بداية السبعينيات، شعار؛ "نفط العرب للعرب" وعلى ضوئه خرج الشعب العراقي المغلوب على أمره في الأزمان كلها، هاتفا بأعلى صوته أهزوجة يؤيد فيها ماذهبت اليه حكومته آنذاك، صارخا بوجه من لا يعرفهم تحديدا "نفط العرب للعرب موتو يارجعية". وما هي إلا فترة وجيزة حتى ظهر شعاران آخران، حابى فيهما قائلهما الجانب الكردي في العراق، إذ كان القصد أن الأكراد شريكون في الوطن بخيراته جميعها، من ضمنها الذهب الأسود، ففند الشعاران الجديدان ماكان المقصود من القديم، إذ نص أحد الجديدين على أن؛ "نفطنا لنا" والآخر على أن؛ "نفط الشعب للشعب"، والمراد من هذا أن شرائح الشعب جميعها تقتسم هذا المعين الذي لاينضب. واستمر الحال على هذا المنوال، والمواطن العراقي مقتنع أن نفطه له، ومر بظروف أمنية عسيرة وهو باق على يقينه أن نفطه له، وأدخل الحروب عنوة، وجاع وعرّي ومات، وبقي أحفاده يتوارثون الظنون أن نفطهم مازال لهم. وبعد أن (زالت الغمة من هالأمة) وانقشع النظام السابق برأسه وأذنابه وأزلامه، بقي المواطن المسكين على ظنه الشفاف، ونيته الصافية بأن نفطه لن يذهب لغيره فهو حتما له، ولم يعتبر بأن الحروب الى أودت بنفطه مازال مرغما على خوضها، وزاد من طينه بلة فقدان آلاف الهكتارات من أراضي بلده، ومازال الظن كل الظن أن نفطه له. وسُرق النفط وقُسمت نسبه حصصا على الغادي والرائح من حكام بلده، ومازال إصرار المواطن على أن؛ "نفط الشعب للشعب مو للحرامية"، وهو بهذا يوجه إلفات نظر رقيق بلهجة شفافة الى سلاطين بلده، أن ماتقومون به من شفط النفط ليس من حقكم..! وبلغتنا الدارجة كأنه يقول لهم: "اخوان بلا زحمه عليكم لاتمدون اديكم على نفطاتنا يرحم والديكم تره نفطات الشعب للشعب"..!.
 تذكرني سكينة المواطن هنا وهدوؤه ببيت شاعرنا الثوري معروف الرصافي -وشتان بين الاثنين- يوم قال:
هبوا واكتبوا صكا للعلى
فإني على موتي به لموقع
إن السرقات السرية والعلنية، المكشوفة والمبطنة، المشرعنة وغير الشرعية، التي دأب على ممارستها حكام العراق السابقون واللاحقون، لم تعد غريبة على منظري السياسة والاقتصاد في ساحة العراق المباحة لمن هب ودب، ولا أشير باصبع الاتهام الى سرقات داعش نفطنا، فهو عدو وغازٍ، ومن غير المستغرب أن تكون أول خصلة يتمتع بها هي سرقة خيرات البلد، لكن اللوم كل اللوم يقع على ابن البلد، ولاسيما متبوئو المراكز العليا وأصحاب الوجاهة فيه، فمن المفترض أنهم أول من يهبّ الى حماية المال العراقي، وأول الحريصين على صيانة خيراته، وبالتالي توجيه ريعها ونفعها الى خدمة البلاد والعباد، فهل هم فاعلون؟ من المؤسف أن الإجابة تأتي دائما؛ كلا لم يكونوا كذلك. بل الأدهى أن اللاحقين لهم من أفانين السرقات مايلتفون بها على القوانين والقواعد والأعراف السائدة، فهم حاذقون في تمرير خدعهم ممرات الثقة وبوابات الاعتماد المشروع، كما أنهم يبلغون من الحذلقة والنباهة حدا، يمكنهم من تلافي الأخطاء التي عادة ما يقع السراق في حبائلها، فيكشفون بأنفسهم خطوط جرائمهم من حيث لايشعرون. أما (جماعتنا) فهم كما يقول المثل؛ "يسرقون الكحل من العين"، وينسلون من سرقاتهم "مثل الشعرة من العجين"، ويبقى المواطن متمسكا بشعاره المعهود؛ (نفط الشعب للشعب) حتى ينضب من أرضه، ورحم والديه من زار وخفف..!.
 
aliali6212@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/09



كتابة تعليق لموضوع : حين ينضب نفطنا..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net