وأَقصدُ به في أَمرينِ؛
التّزوير والاستيراد.
ففي العراق عندنا المرجعية الدّينية العليا وعندنا الدّولة ومؤسساتها المنتخبة من قبل الشعب، ولذلك فلسنا بحاجةٍ الى مَن يصدّر لنا او يستورد مواقف (شرعيّة) الغرض منها زيادة ازماتنا بتحريضٍ دينيٍّ تارةً ومذهبيٍّ تارةً اخرى.
كما لسنا بحاجةٍ الى حكومات ظلّ، تفرض نفسها على الشّارع بقوّة السّلاح.
فالعراقُ خندقُ نَفْسِهِ، خندقٌ لذاتهِ!.
لقد زادت هذه الأيام عمليّات تزوير الاستفتاءات على لسان المرجعيّة الدينيّة العليا لأغراضٍ سياسيَّةٍ من قبل جهات معروفة مُتهالكة على السّلطة، الهدف منها فرض الامر الواقع على المرجعيّة لتحديدِ خياراتها لجرّها الى السّاحة بِغَيْرِ ما ترى فيه مصلحة.
كما زادَ استهدافها في وسائل التّواصل الاجتماعي من قِبل مراهقين ينفّذون اجندات غيرهُم لتحقيق مكاسب سياسيّة على حساب الدّم العراقي والأمن والمعاناة التي يعيشها شعبنا.
نرفض استيراد المواقف لا الدّينيّةِ الشّرعيةِ منها ولا الرّسميّة فالظّرف الخطير الذي يمرّ به العراق لا يتحمّل العبث بعودِ كبريتٍ آخر يلهو به مُراهق، خاصَّةً وأننا نخوض أشرسَ حربٍ شاملةٍ ضدّ أقذرِ جماعاتٍ إِرهابيَّةٍ.
علينا كعراقيّين ان ننتبهَ فلا نُخدع بدغدغةِ العواطف، فنبدّل ونغيّر في اولويّاتنا بسبب شعارات برّاقة واستعراضات بهلوانيّة ولافتات معسولة يرفعها الفاشلون او الذين يقبُضون لتنفيذ أجندات خلف الحدود! فبعد ان اثبتت المرجعيّة الدّينية العليا حكمةً منقطعة النّظير في تعاطيها من المتغيّرات والتّحدّيات وعلى مدى اكثر من عقدٍ من الزّمن، وتحديداً منذُ سقوط نظام الطّاغية الذليل صدام حسين ولحدّ الان، لا ينبغي لنا ابداً ان نتلفتَ يميناً وشمالاً نبحث عن موقفٍ ورأيٍ وفتوى وخطاب.
وعلى الرّغم من اطمِئناني وثقتي، وعلى حدّ قول أحد كبار اساتذة الحوزة العلميّة في النّجف الأشرف فانّ [المرجعيّة مسدّدة، ولا يُمكن للمراهقين ان يؤثّروا عليها بأساليبهم الرّخيصة] مع ذلك فانّ واجبنا الوطني والدّيني يحتّم علينا جميعاً تسديدها بالالتفاف حولَ خِطابها وفضح تُجّار الدّم الذين لا يتورّعون عن فعلِ ايّ شَيْءٍ للعودة الى السّلطة التي لازالوا يحلَمون بها، حتى اذا كان ذلك بالتّزوير والخداع والتّضليل والترهيب والتّسقيط وسياسة اغتيال الشّخصية (الاغتيال السّياسي).
انّهم يزوّرون الاستفتاءات ويلوّحون بالسّلاح ويرفعونَ أقدس العناوين والمسمّيات (المقاومة) ليفرضوا على السّاحة أجنداتهم الخاصة!.
يحاولون خلْق الفراغ الأمني بأساليب رخيصةٍ ليُبرّروا ملأهُ بالسّلاح الخارج عن القانون وعن مؤسسات الدّولة!.
شعارُهم البائس (ليسَ مُهمّاً ان أنجحَ انا، ولكنَّ المهمّ ان يفشلَ غيري) ولذلك تراهم يؤسّسون ويقودون الجيوش الإليكترونيّة للطّعن بكلّ شَيْءٍ اسمهُ الدّولة في العراق، فينشرونَ الاكاذيب والافلام والصّور المفبركة والدّعايات المغرِضة والفتاوى المزوّرة وكلّ ذلك من أجلِ التّشويش على ذهنيّة الرّاي العام وتضييع البوصلة واتّجاهاتها الحقيقيّة والعبث بالجُهد الذي نسعى جميعاً لإنجازهِ.
يخلُطون الخاصّ والعامّ، ويعمّمون الحالات الخاصّة، وكلّ ذلك من أَجل ان يسهُل عليهم التصيّد بالماءِ العكِر.
نَحْنُ في ظرفٍ خطيرٍ بأَحوج ما نكونُ فيه الى ان نستحضرَ التّاريخ لنتعلّم مِنْهُ ما يُعيننا على تجاوز الأزمة، وبتفكّر قليل سنلحظ انّنا بحاجةٍ الى الدّروس التّالية المستقاة من التّاريخ؛
الدّرس الاوّل؛ وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالعِصْيَانِ وَالخذْلاَن.
الدّرس الثّاني؛ كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ.
الدّرس الثّالث؛ بِاجْتِماعِهمْ عَلَى بَاطِلِهمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ، وَبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ في الحَقِّ، وَطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ في البَاطِلِ، وَبِأَدَائِهِمُ الاَْمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَخِيَانَتِكُمْ، وَبِصَلاَحِهمْ في بِلاَدِهِمْ وَفَسَادِكُمْ.
الدّرس الرّابع؛ إِنَّكُمْ ـ وَاللهِ ـ لَكَثِيرٌ فِي الْبَاحَاتِ، قَليِلٌ تَحْتَ الرَّايَاتِ.
الدّرس الخامس؛ وَاللهِ إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ
يَعْرُقُ لَحْمَهُ، وَيَهْشِمُ عَظْمَهُ، وَيَفْرِي جِلْدَهُ، لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ، ضَعِيفٌ ماضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ.
الدّرس السّادس؛ وَأَيُّ امْرِىء مِنْكُمْ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ رَبَاطَةَ جَأْش عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَرَأَى مِنْ أَحَد مِنْ إِخْوَانِهِ فَشَلاً، فَلْيَذُبَّ عَنْ أَخِيهِ بِفَضْلِ نَجْدَتِهِ الَّتي فُضِّلَ بِهَا عَلَيْهِ كَمَا يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ.
الدّرس السّابع؛ مَنْ عَرَفَ مِنْ أَخِيهِ وَثِيقَةَ دِين وَسَدَادَ طَرِيق، فَلاَ يَسْمَعَنَّ فِيهِ أَقَاوِيلَ الرِّجَالِ.
الدّرس الثّامن والأخير؛ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ إِلاَّ أَرْبَعُ أَصَابِعَ، الْبَاطِلُ أَنْ تَقُولَ سَمِعْتُ، وَالْحَقُّ أَنْ تَقُولَ رَأَيْتُ!.
صدق امير المؤمنين عليه السلام، فهي دروس خبيرٍ مجرّب، وصدقَ الله الذي قال في محكم كتابه الكريم {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}.
٤ كانون الثّاني ٢٠١٦
للتواصل؛
E-mail: nhaidar@hotmail. com
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat