توزيع طعام المواكب قرب الدوائر الرسمية وأثره على الموظفين .. المركز الصحي أنموذجاً
حيدر رحيم الشويلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حيدر رحيم الشويلي

خلال مراجعتي لأحد المراكز الصحية القريبة من بيتنا لأجل فحص صغيري (علاوي) وتلقيحه وأثناء دخولي باب المستوصف سبقني أحد الأشخاص للدخول بسرعة ويبدو انه احد الموظفين حاملا ماعوناً كبيراً مملوءً بـ(الآش) - الأكلة التي إعتاد النجفيون طبخها في ذكرى شهادة الإمام زين العابدين (ع) – كان قد جلبه من أحد المواكب العزائية التي تتخذ جوار المستوصف مقراً لها .
دخل الشاب وهو يغطي ماعونه بكيس ولا ادري سبب تغطيته هل لكي لا يبرد الاكل ام لتمويه مراجعي المستوصف من أجل ان لا تجذبهم رائحة الطعام المميزة .
في تلك اللحظات ظننت ان الأمر انتهى عند هذا المشهد ، لكني فوجئت حين وصل دوري للدخول الى قسم الرعاية لتلقيح طفلي لأجدَ الموظفين يتهافتون على ذلك الماعون دون إنقطاع غير آبهين بالمراجعين الواقفين بل تعدى الأمر الى انهم يحاولون صرف كل من في الغرفة بشتى الأعذار من قبيل ان بطاقتهم غير موجودة او ان موعدهم لم يأتِ بعد .
وانا وسط الغرفة بادرني أكبر الموظفين سناً بالسؤال عن مراجعتي ( ولا ادري ما الذي دفعه على فعل ذلك ليترك أكله ، فلعله خجل من نظراتي التي لم تجعله يهنأ بأكله التي توزعت بينه وبين زملائه ) ، وقف بجانبي وجعل يبحث عن ملفي ، لحظات وأجاب ببساطة : انه غير موجود ، كنت اظن ان شيبته ستحسن ظني به ولكن من خلال مراقبتي لطريقة بحثه السريعة وجدت أن عينيه لم تفارقا الماعون الذي تركه غصباً لتتوزع نظراته واحدة على رفوف الملفات وأخرى على إخوته الذين تركهم يأكلون ، عندها تأكدت انه لم يكن مركزاً معي على الاطلاق .
خرجت من الغرفة متمالكاً اعصابي ليرشدني بعدها أحد الموظفين - الذين يخافون الله - الى مراجعة غرفتي اللقاح المجاورتين لغرفة الأكل - أقصد غرفة الملفات – توجهت هناك فلم أجد اي موظف وعادة ما كانت تلك الغرفة مخصصة لأكثر من شخص ، ولكن تبين انهم قد فزعوا برفقة زملائهم ليتركوا المراجعين في طابورٍ من الأنتظار .
لو أنك تجرأت وسألت أمثال هؤلاء لكان (التبرك بزاد أهل البيت) هي الجملة المحببة والمفضلة التي عادة ما تلوكها ألسنة أمثالهم ولكن من حقي أن أتساءل .. هلّا استوقفتهم مضامين مجالس العزاء والتزود بوصايا أئمتهم التي تنادي بلقمة الحلال ام باتوا ينجرّون خلف بطونهم ينتظرون تخمتها حتى يباشروا أعمالهم ؟!
ولكن يبدو ان التثقيف للمبادئ الحسينية اصبح اليوم بلا طعم ولا لون ولا رائحة ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat