((لاندبنك صباحا ومساء ولابكين عليك بدل الدموع دما))
حيدر لطيف الوائلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
((لاندبنك صباحا ومساء ولابكين عليك بدل الدموع دما))
قراءه تحليليه للنص الماثور...
البحث العلمي يقتضي التأكد من صحة السند لهذا النص لكن لا اريد أن ادخل في تفاصيل هذا الأمر انما نسلم بصحة السند.
اولا:قبل الخوض لابد من تقديم لمفهوم الندب في اللغة إذ تدور أغلب المعاني للندب في ذكر محاسن الميت ودعاء للاخر لأمر ما والندب صوت السهم يخرج من القوس وصوت المرأة تذكر محاسن الميت ويمكن القول ان اول استعمال للندب هو للدلالة الصوتية على خروج السهم من القوس ولعل التدقيق في هذه الحركة تعكس ذات اصوات الندب من قبل القوس بحيث يسمون القوس السريعة بالندب كأن امتزاج صوت الرامي وصوت وقوع السهم في المرمى هو الاصل عموما الذي ينفعنا هنا ان الندب تطور ليصبح كل صوت يذكر محاسن الميت .
ثانيا:القراءة
أول ما يعترضنا اعتراض يتعلق بمقام صاحب الأمر (ع) لابد من حله.....
هو ان كلام المعصوم حقيقي وواقعي لايقول الا الحق والصدق وعلينا أن نلجأ إلى المقاربات التأويلية لفهم هذا الأمر وحقيقته فالمعصوم (ع) لديه تكاليف يقوم بها في كل لحظة من اللحظات فمتى يستطيع ندب الامام بصورة دائمية كما ذكر فهنا إما أن نفهم الندب للمعصوم (ع) فهما يختلف عن فهمنا للندب أو نلجأ الى التخصيص في الوقت بفرضية وجود محذوف في الكلام كأن يخصص الندب المستمر في أوقات معينه كأوقات العاشر من محرم مثلا أو غيرها وأما ندب المعصوم الخاص يمكن تقديم بعض الاحتمالات كأطروحات للاجابة :
1.ندب المعصوم الخاص يتعلق بالندب الذي يقوم به الموالون فكل عزاءات الامام الحسين عليه السلام في العالم هي بأشرافه وتأييده مادامت ضمن ضوابط الشريعة.
2.ندب المعصوم الخاص يتعلق بسعة قلب المعصوم ورقته فالامام (عج) له قلب يتسع لكل الكون زمانا ومكانا وبالتالي ان ندبه وحزنه سيكون متسعا للزمان والمكان .
3.ندب المعصوم الخاص يتعلق باليات المعصوم الخاصة وفهمه ونظرته لتخليد الإمام الحسين عليه السلام وهنا يكون بشقين
أ:فقد ورد في الأثر ان الامام السجاد عليه السلام كان يفرح بمقتل قتلة الإمام الحسين عليه السلام بل كان يدعو على حرملة وغيره ادعية خاصة من هنا
هذا الفعل وهو قتل قتلة الإمام نوع ندب للامام الحسين لان في قتلهم تحقيق للغاية الأصلاحية التي خرج لاجلها الإمام الحسين عليه السلام
ب: اكثر من ذلك كل فعل يصب في تحقيق غايات الاصلاح الحسيني هو ندب وتخليد للامام فالامام المهدي ربما يكون ندبه من هذا القبيل اذ يسعى لتحقيق غاية الحسين الاصلاحية في كل آن وزمان.
***
أما قضية البكاء بدل الدموع دما يمكن فهمها ايضا فهما خاصا لأستحالة هذا الفعل عقلا وشرعا ولا اريد الخوض بتفاصيل ذلك المحال.
عموما فلفهم هذه الحالة وهي بكاء الدم بدل الدموع
يمكن القول
1.إن هذا البكاء يمثل مقاما خاصا للمعصوم سلام الله عليه لايشترط فيه وجود الدم فالبكاؤن معروفون في التاريخ ولعل أبرزهم هو الإمام السجاد سلام الله عليه الذي لم يفارق البكاء عن الامام الحسين عليه السلام حتى استشهد لم يحدثنا التأريخ انه كان ينزل الدم بدل الدموع.
2.كما يمكن أن نربط بين المقولتين مقولة الندب ومقولة بكاء الدم وكما فهمنا الندب كذلك نفهم بكاء الدم ويعني الاستمرار بتخليد وذكر الإمام الحسين بحيث يجعل الظالمين يندمون على فعلتهم ندم من جهة وخوف من جهة ثانية اذ سيقتل كل الظالمين في الأرض اليوم وفي يوم الظهور المبارك شر قتلة وكذلك يمكن القول ان بكاء الدم خاص فقط بمقام صاحب الامر لايمكن لاي احد ان يشاركه فيه حتى المعصومين سلام الله عليه لماذا لان قضيته او موضوعه ليس موضوعا نسبيا بحتا والا كان الاولى ببكاء الدم الامام السجاد والباقر عليهما السلام لانهما اقرب للواقعة وجرت عليهما المصيبة فالقضية اذن ليست قضية نسبية بحته انما قضية غايات واهداف وارتباط هدفي ومحوري بين الامام المهدي والامام الحسين عليهما السلام.
3.وهناك قضية أخرى وهي ان بكاء الدم المقصود به وصول الامة ببركة المعصوم ووجوده الى مقام بكاء الدم بدل الدموع عندما تتربى وتتكامل في فهم قضية الامام الحسين عليه السلام بصورة واعية بحيث يشاهد المعصوم حقيقة بكائهم وحقيقة دموعهم فلكل فعل ظاهر حقيقة باطنية او ملكوتية فهذه الدموع ان كانت دموعا حسينية بامتياز شاهد الامام (عج) حقيقتها وانها دموع دم ويمكن ان نفهم بهذا الفهم ايضا بكاء الامام (عج) وكل مخلص من بعده على انه بكاء دم لانه استقى من دماء الحسين عليه السلام جذوته وبقائه واخر دعوانا
ان الحمد لله رب العالمين