صفحة الكاتب : الشيخ مصطفى مصري العاملي

ضربة المعلم.. صارت ضربتين
الشيخ مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في 13 نيسان من عام 1975 م اندلعت ما أطلق عليه شرارة الحرب الاهلية في لبنان..

لم يستجب الحكام حينها للتحذيرات والنصائح والمناشدات الصادقة، والتي أطلقها خلال سنوات خلت، السيد موسى الصدر، مطالبا بالعدالة التي إن بقيت مغيبة فلن يجد اولئك الحكام قصورا يسكنون بها، ولن يجدوا وطنا يبنون مجدهم عليه، وسيغدوا وطنا من سالف التاريخ..

واستمرت تلك الحرب عقدا ونصفا من السنين، كانت فيها كرة النار التي تحمل الدمار تتنقل بين أيدي اللاعبين وأقدامهم ، من الخارجيين منهم والداخليين محولة بناء الوطن من جنوبه الى شماله وشرقه مرورا بعاصمته الى هيكل متداع تتهاوى أشلاؤه على رؤوس أبناءه..
 
وتأسس في عهد الطائف ميثاق جديد ليشرعن دستورا لم ينظر أحد اليه بنظارة بيضاء، بل وضع كلٌ نظارة ملونة باللون الذي يختاره في قراءته بنود الدستور الجديد.. فكانت لعبة التوازنات والمماحكات المستمرة ضمن منهجية لم يعد فيها لبنان سوى شاشة ( مونيتور) لما يجري في المنطقة المحيطة القريبة، بل وفي كل المنطقة بين اللاعبين والتي تعكس حقائق موجودة في أماكن أخرى لا وجود لها على تلك الشاشة
 فغدا مكانا تظهر عبره الرسائل المتبادلة, وفقد أبناؤه نماذج القيادة الوطنية فصارت القيادات دمى من شمع، كل واحدة منها ممسوكة بخيط يحركها كما هي حال ألعاب الصور المتحركة.
 
في خضم هذا الواقع المأساوي الحالك والذي لم تعد فيه الفضائح الكارثية المتكشفة يوما بعد يوم على كل الاصعدة تهز جفن شريحة مخدرة على سِكر الانتماء العصبي الشخصاني والمذهبي والمناطقي، في ظل تصدر الصبية واجهة التمثيل لكل تلك الاتجاهات ،
 وسقط الجميع في مستنقع من البلادة التي لا حد لها، وكان آخر انموذج يحكي هذه الحالة هو مخاض تشكيل حكومة من لون واحد حيث انقضت خمسة شهور إلا أيام قليلة، حتى ملّ الناس من أخبار الحكومة ومن تشكيلها، بل ومن اسمها ومن حتى وجودها، فقد اعتادوا على هذا النمط من السلوك الذي أفرزه واقع الطائف المريض ، فلا مانع من أن نبقى أشهرا بلا رئيس جمهورية، و لا مانع من أن تدير الامور حكومة لا تمثل العقد المذهبي الذي كرسه الطائف، ولا مانع من أن يصاب عمل مجلس النواب بالشلل نتيجة ذاك الواقع، ولا مانع من أن يبقى رئيس الحكومة خارج البلاد اشهرا طوالا ، أصيلا كان او رئيس تصريف، ولا مانع من أن يبقى مكلفا لأشهر وكأنه حائك يحل حياكة ثوب او ينتظر ما يرسمه الحائك عما يحاك لطلاب المدرسة من اثواب يتنافس الحائكون على حياكتها.
رسب التلاميذ الكسالى في كل فروضهم، لم يحفظوا أي درس رغم تسريب الاسئلة ،
يجمعهم الاستاذ فيسربها لهم علهم يجدون للنجاح سبيلا، وكادوا يعودون الى ما قبل قراءة الحرف.
هل يصدق أحد أن دولة ً تبقى مغيبة بسبب خلاف بين قائدي السلاح على توزير الصهرين؟ إن وزّرت صهرك فأريد صهري..
هل يصدق أحد أن دولةً تبقى مشلولة بسبب خلاف بين حفيدين متجاورين ورثا مجدا غابرا فغدا نزاعا يعطل بلدا؟ إن وزرت ابن عمي فأنا أو لا أحد.
هل يصدق أحد أن دولة تبقى معطلة بسبب خلاف بين ابني رمزين على رمزية كل منهما؟ إن نال ابن البيك وزارات فأنا أريد وزارة.
واجتمعوا لإصدار بيان النعي بعد أن طال العري ما تستره ورقة التين.
صرخ الاستاذ في وجه الهياكل المتصدية المتسقطة لأخبار ما يجري في الجوار وغيره، حيث رياح التفتيت والتجييش المذهبي تهب زارعة بذور التفسخ  قبل أن يصدرا بيان النعي قائلا..
 ألم تحفظوا الدرس بعد أيها الاولاد؟
ويتركهما صامتا، وصمت الاستاذ أبلغ من الكلام..
تبدأ التسريبات وينتظر الجميع وتصدر المراسيم..
تسقط ورقة النعي بعد أن يعطي الاستاذ الاطفال قطعة حلوى.
هل يرضيكم ايها الاطفال ان اعطيكم وزارة لترضوا بقية الاطفال..
وكانت المفاجأة.. ففي زمن التكالب والتناتش والتنابز تصدر تلك المراسيم ولأول مرة في عهد الطائف تصدر تشكيلة تتنازل فيها طائفة عن مقعد وزاري بل وتعطيه لطائفة اخرى..
لقد ضرب الاستاذ ضربة المعلم مرتين..
مرة عندما اعطى الوزارة كي يتراضى المتخاصمون.
ومرة عندما اختار من يعتمد عليهم.. فكانت الضربة ضربتين.
فكم رجل يعد بألف..
وكم ألف يمر بلا عداد..  

http://www.kitabati.net/subject.php?id=129


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/06/15



كتابة تعليق لموضوع : ضربة المعلم.. صارت ضربتين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net