صفحة الكاتب : علي الزيادي

الهجرة بين عهدين عهد النجاشي وعهد انجيلا ميركل !
علي الزيادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
معروف ان الرسول محمد (ص ) قد نزلت عليه الرسالة الأسلامية وهو يعيش في مجتمع يتفاخر بالغزوات والتحكم بالبشر كعبيد والنساء كجواري يأكل منهم القوي الضعيف يفعلون الفواحش دون تردد او قيود ويعبدون أصنام تصنعها اياديهم من الخشب والطين . مجتمع الجاهلية أختصاراً لمايجري في ذلك الزمان تجارتهم معروفة الربا لديهم مستشري الى حد كبير . فكان أن نزل الوحي ليبشر النبي العربي محمد (ص) ليبلغه انه مختار من الله عز وجل ليكون خاتم الأنبياء والرسل ولينزل عليه القرآن بآياته وسوره الكريمة لينقلها الى الناس مبشراً ونذيرا وداعياً الى الله الواحد . وما أن بدأت دعوة الرسول للأسلام حتى امتعضت قريش وغيرها من قبائل المشركين ولتشن حملة قاسية ضد الرسول (ص) وأصحابه . واشتد البلاء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل الكفار يحبسونهم ويعذبونهم, بالضرب والجوع والعطش, ورمضاء مكة والنار؛ ليجبرونهم على ترك دينهم دين الله دين الاسلام ، فمنهم من تراجع من شدة البلاء وقلبه مطمئن بالإيمان، ومنهم من تصلب في دينه وعصمه الله منهم، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء، وما هو فيه من العافية لمكانه من الله، ومن عمه أبي طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء، قال لهم: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتى يجعل لكم فرجا مما أنتم فيه»، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة سيراً على الأقدام وهم يتحملون اعباء سفر طويلة ، مخافة ظلم المشركين من قريش وباقي القبائل ، وفرارا إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة كانت في الإسلام.
وصلوا الى ارض الحبشة وحاكمها الملك النجاشي الذي اشار اليه الرسول (ص) في بعض احاديثه حيث قال ( وكان في الحبشة ملك صالح يقال له النجاشي لايظلم بأرضه احد )
لو دققنا الأوضاع السياسية في وقت الهجرة الى الحبشة ، التي كانت سائدة في الجزيرة العربية وغيرها من المناطق المجاورة مثل الشام وإيران واليمن، لوجدنا أن أياً منها كان لا يصلح مكاناً لهجرة المسلمين أنذاك. فالهجرة مثلا إلى المناطق العربية، بما يسكنها من عرب، لم يكن أمراً  ممكناً كون سكانها كانوا من المشركين والوثنيين وعباد الأصنام، وبالتأكيد أن هؤلاء كانوا سيمتنعون عن قبول المسلمين في أرضهم لو قرروا اللجوء إليهم وفاء وتعصباً للإلهتهم ودين أبائهم. هذا من جهة.
من جهة ثانية فقد كان لقريش نفوذ قوي في هذه البلدان وتأثير كبير على القبائل فيها. وبالتأكيد فإن هؤلاء كانوا سيرفضون وجود المسلمين بينهم إرضاء لقريش. وأما الهجرة إلى بلاد الروم أو بلاد الشام فلم تكن أمراً ممكناً أيضاً، للأسباب نفسها تقريباً، مثل نفوذ لقريش في هذه المناطق من خلال علاقاتها التجارية والاقتصادية معها. وهذا يمكّن قريش من المطالبة باسترجاع المهاجرين أو على الأقل إلحاق الأذي بهم.
 
اليوم كأن التأريخ يعيد نفسه مع العراقيين فهم على مدى اكثر من عشر سنوات ماضية يتعرضون لظلم وجور لم يسبق لهم ان تعرضوا اليه فهم دائما مهددون في كل شيء . في حياتهم والقتل قد أخذ مأخذاً قاسياً مننهم وبشكل يومي . وفي قوتهم فهم يعيشون الفقر والجوع . وفي مستقبل اطفالهم الذي بات مجهولاً نتيجة لنقص التعليم . وفي كرامتهم فهم فاقدي الخدمات بشكل تام ويتحملون اعبائ شغف العيش بشكل قاسي بعد أن عمدت القيادات الحزبية الى نهب ثروات البلاد وزرع الفتنة بين العباد من أجل أدامة حالة عدم الأستقرار في البلد حتى تستمر عمليات استنزاف ثرواته فضلاً عن حالات القمع والظلم في السجون والمعتقلات والبطش بالناس لمجرد الشبهات او المخبر السري او لسبب طائفي نتن ! الأعداد التي قتلت من العراقيين والتي تمت تصفيتها منذ الأحتلال الأمريكي وحتى اليوم لاتعد ولاتحصى !
 
اليوم يتكرر عهد النجاشي مع الفرق ان المسلمين المهاجرين طلباً للأمان في بلاد النجاشي وصلوا سالمين وحصلوا على كرم الضيافة من الملك الصالح . اما اليوم فالعراقيين المهاجرين يتعرضون لظروف قاسية جداً أثناء هجرتهم هرباً من ظلم الأحزاب التي تقول انها اسلامية ! فالبعض من المهاجرين اليوم يموت غرقاً أو يتعرض لأبتزاز المهربين ومن يصل منهم تكتب له حياة جديدة كونه يجد أمامه شبيه النجاشي في الحلم والكرم والعطف وكانت انجيلا ميركل . تلك المرأة الكبيرة في كل شيء والتي جعلت من بلادها نموذجاً في التطور والقوة هي اليوم تتألم للعراقيين وغيرهم من المهاجرين وتشاطرهم آلامهم وأحزانهم وكأنها تقول لهم انتم في بلدكم عيشوا فيها بسلام كما قالها النجاشي لجعفر وجماعته من اصحاب الرسول فطوبى للنجاشي الذي حمى المسلمين وآواهم وحماهم من شرور المشركين وطوبى لأنجيلا ميركل التي بكت على احوال المهاجرين ووفرت الأمن والأمان للعراقيين وغيرهم لتخلصهم من الأحزاب العميلة التي تتفنن في تدمير بلدانهم ونهب ثرواتهم وتدمير مستقبل اجيالهم .
 
اليوم وبدلا من ان نلوم المهاجرين على تركهم لبلدهم علينا ان نعالج اسباب جعلتهم يهاجرون بعيداً عن المزايدات والشعارات الكاذبة والمخادعة
 
alialzayadi67@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي الزيادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/06



كتابة تعليق لموضوع : الهجرة بين عهدين عهد النجاشي وعهد انجيلا ميركل !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي ، في 2015/09/07 .

شكرا للاستاذ علي الزيادي ابدعت وتقربت كثيرا للعلة التي حملت الناس لترك وطنهم , كنت اتمنى ان يكون البحث اشمل ببعض فقراته واكثر تدقيقا لمن هرب بدينه لينجو ببدنه وبين من هرب ببدنه ولكنه تسامح كثيرا وسيتسامح مرغما على ذلك سواء بالموقف او بالتربية في المستقبل .. وقد يقول قائل ان اوربا فيها من الحرية ما يجعل المسلمين يمارسون عبادتهم ومعتقداتهم , اقول له ذلك صحيح ولكن الاجواء الاجتماعية العامة لها تاثير مما يجعل اسلام الذين يعيشون في الغرب كاسلام الحزبيين الذين يسرقون اموالنا بطرق يعتبرونها شرؤعية لانهم فقدوا الورع وهو اهم شيء في الاسلام ..




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net