صفحة الكاتب : امل الياسري

ديمه ومينا ورسائل من العراق البعيد!
امل الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هاربون نحو الحرية الآمنة، والمرافئ المطمئنة، حتى وإن ساروا على النار، وسط جيوب المهربين الوسطاء، الذين لا هم لهم إلا قبض دولاراتهم، لقاء العبور لسواحل مجهولة، فنهضت مرددة قول أبيها (الأديب السوري سعد الله ونوس)، الذي لم يترك لها إلا وصية مفادها، (كثيراً ما حلمنا، بأننا سنترك لكم زمناً جميلاً، ووطناً مزدهراً، لكن سنعترف ودون حياء أننا هزمنا، ولم نترك إلا خراباً، وبلاداً متداعية)، إنها (ديمه سعدالله ونوس)، إحدى المهاجرات الصغيرات، الى بلاد العجائب والحريات! 
الصغيرة (ديمه)كانت تعيش حصاراً نفسياً داخل المركب، الذي غادر السواحل التركية، متوجهاً الى اليونان ومنها الى أوربا الحضارة، والنظافة، والجمال، والأمان، والأخيرة هي المهمة، لكن ثمة طفلة أخرى شاطرتها هواجسها، المحلقة فوق البحر الأبيض المتوسط كما كان يسمى، إنها العراقية الصغيرة (مينا)، الهاربة مع عائلتها المسيحية، من بطش داعش الإرهابي، بعد إحتلاله مدينتهم أثر مؤامرة دنيئة، من قبل بعض الساسة الخونة، فأعلن عن فقدان محافظات بأكملها بين ليلة وضحاها، فإزداد عدد النازحين والمهاجرين على الحدود! 
العالقون على الحدود، إما مهجرون، أو مهاجرون، هرباً من بطش العصابات التكفيرية، التي أسات لكل شيء، حي وغير حي، فاختاروا الغربة، ليجدوا ملاذاً آمناً، يقيهم شر القتل والسبي، فالعصفورتان (مينا وديمه)، غافيتان وسط أصابع الوالدين خوفاً من الغرق، على أن رسائل القمر البعيد، كانت تلج قلبي الطفلتين سراً، من خلال دمعة خوف، أو رعشة برد قارس، تؤجل حركة المراكب المهاجرة، فمعاناة العراقيين لا توصف، بعيداً عن وطنهم المسروق، فهم يعانون طالما بلدهم ما زال يعاني! 
إيقاع بطيء وسط ظلام البحر الهالك، وزمن نائم لا يستصرخ الجثث المتهالكة، على صخرة كبيرة، بعد أن لطمتهم أمواج اليم الحاقدة، لذلك إستاجر الشراع قلماً شريفاً، ليصور أحداثاً ستكون أكثر ألماً، لأن صخب الساسة الفارغ، لم يجعلهم يلتفتون لهذه الأقليات، المتعايشة مع العراقيين منذ القدم، وكيف أصبحت حالة أجسادهم لفقدان مدنهم؟ أما صرخات بقايا النفس من عائلتي (مينا وديمه)، فإنهما تناديان وطنهما: هل من ناصر من البحر والذل فينصرنا؟ أم مغيث يغيثنا من مجانين عصرنا؟ 
قصة حافلة بالإثارة، لأن العالقين على الحدود اليونانية المقدونية ملاحقون، من قبل عنف الدواعش، وظلمة البحر، وإهمال الحكومة، وعندما يغرق مركبهم المهاجر، وتنتهي معركتهم مع الأمواج، ويخلد الغارقون أسفل قاع البحر، الى النوم الأبدي، يخرج الجبناء من أزقتهم السياسية الخلفية، ليحدثونا عن بطولاتهم الرعناء، فخرج المهاجرون بحقيقة مرة ألا وهي: الفاسد متلون ومخادع، وليس لديه خط أحمر تجاه الحياة، وعليه لا يهمه، إن وصلت (ديمه ومينا) وغيرهن، الى بر الأمان أم لا؟ المهم أولاده آمنون! 
الحكومة العراقية مطالبة وبشدة، الإلتفات الى هؤلاء المهاجرين، والمهجرين والعالقين على حدود الغربة، لتمد لهم يد العون والمساعدة، لأنهم فقدوا كل شيء، ولم يخرجوا من العراق، إلا للهرب من جحيم السياسة المليء بالدم، وهم في نفس الوقت بدأوا يرددون: لا للعيش، لا للموت، ولكن نعم للموت في مكان أخر، ففي بلادنا ولدت الضمائر مشوهة وملوثة، والعقول للبيع والشراء، ولا مانع لديهم من قتل الحياة، ولكن صبراً أيها العراق العظيم، فأنت شمس لا تعرف الغروب أبداً!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امل الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/31



كتابة تعليق لموضوع : ديمه ومينا ورسائل من العراق البعيد!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو زهراء العبادي ، في 2015/09/01 .

السيدة .ٱمل الياسري
السلام عليكم
الهجرة عن ٱلأوطان موت قبل الموت .يحلم ٱلأنسان بحياة جديدة بعيد عن ٱلأرض التي ولد وترعرع فيها .ويصحوا على حقيقة ٱنه ذاهب ٱلى ٱلٱنتحار .لم يكن ترك الوطن سهل .غير ٱن فسحة الحياة تضيق في وجه البعض .يقرر ٱن يهيم على وجه يحمل معه حلم .
وٱمنية ٱمل ٱن تتحقق .مجهول يخوض السير في شوارعه المظلمة القاسية فيجد ٱن شبح الموت يطارده .
قوارب الموت تحمل ٱجساد لاٱرواح .تبحث عن الحياة التي ترد لها روحها .
العراق ٱنظم ليكون جزء من مٱسات العالم ٱلأٱنسانية .ليكون شعبه جزء من الفارين من ٱلأوطان .الى المجهول .
وٱسباب الهجرة كثيرة ومتنوعة .بدء من ٱلأمن والحروب والفقر والضغوطات النفسية .عوامل غزت ٱرضنا وشكلت عامل ضغط على المواطنين .دعاهم الى التفكير في بدائل ٱخرى للعيش .ومايعظم مٱسات الباحثين عن الحياة .هو العصابات التي تتاجر بالارواح من ٱجل المال .الذين يمثلون الموت نفسه .فهولاء يستغلون ظرف ٱلأنسان ليضعوه في قواذب لاتتوفر فيها ابسط مقومات ٱلأمان .لتغرق. تغرق من فيها فور ٱبحارها لتجعل من تلك ٱلأجساد طعام لأٱسماك البحر .
نقول صبرا ياعراق ٱن ٱلأمل باق لم يهجرنا بعد ..




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net