380 عاما على رحيل ممتاز محل
خالد محمد الجنابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
خالد محمد الجنابي

الملكة ممتاز محل ويعني اسمها "القصر المحبوب المزخرف" وهذا الاسم هو لقبها أما اسمها الحقيقي فهو ارجماند بانو بجيم وهي زوجة أحد ملوك الهند المشاهير شاه جهان من
أعيان القرن السادس عشر الميلادي ، تزوجها السلطان شاه جهان في عهد أبيه نور جهان وهي بنت عشرين سنة ، ويقال أنها كانت نادرة الحسن والجمال .
على الرغم من أن ذلك الزواج كان الثاني للشاه إلا إنه كان نابعاً من قصة حب حقيقية وتجربة عاطفية سامية ، وكانت ممتاز رفيقة دائمة لزوجها لا تتركه في كل رحلاته
وسفرياته وجولاته وزياراته ومهماته العسكرية بل ومستشارته وصديقته وكانت الدافع القوي لقيامه بالكثير من أعمال الخير والبر وخاصة مع الضعفاء والفقراء والمحتاجين ،
وجاء الأجل , ففي أحد الأيام كان شاه جيهان في جنوب الهند لوقف تمرد بعض الخارجين عن حكم الإمبراطورية , وصله نبأ يؤكد أن زوجته تعاني من ألام وضع غير طبيعية وبعد
أن وصل إليها وشعر بقسوة ما كان منه مقابل الحب والعطف من تلك الزوجة الحانية بادلها بعبارات الوفاء والإخلاص وودعته بعبارات الحب والتضحية , ومنذ تلك اللحظة
أخذ السلطان على نفسه عهداً بتخليد ذكراها في أحسن صورة وقد كان ذلك بالفعل فبنى لها قصر تاج محل الذي يعتبر بحق أبهى وأجمل قصر يعيش قصة حب ووفاء خلدها التاريخ ،
توفيت الملكة ممتاز محل في 7/6/1631 م ودفنت في بلدة زبن أباد ثم نقل جسدها إلى تاج محلفي أغرا ، بعد وفاة ممتاز محل شرع شاه جيهان ببناء تاج محل الذي يعتبر من أجمل
نماذج طرز العمارة الإسلامية بالهند ، شيده الملك شاه جهان للفترة مابين (1631 – 1653) ليضم رفات زوجتهارجماند بانو بجيم التي عشقها عشقا لامثيل له ، وضع تصميمه
المهندس المعروف بالأستاذ عيسى ، الذي اختلف في أصله وجنسه ، شيد بالمرمر الأبيض المجلوب من جدهابور على مصطبة يغطى سطحها بالمرمر الأبيض ، وأقيمت عند كل زاوية من زوايا المصطبة مئذنة متناسقة الأجزاء ارتفاعها 37 مترا ، يحيط بدائر كل منها ثلاث شرفات ، وفي وسط المصطبة يرتفع الضريح في شكل رباعي ، وتشغل الجزء الأوسط من
البناية القبة الرئيسية ، وقطرها 17 مترا ، وارتفاعها 22.5 مترا ، ولكل من واجهات البناية الأربع مدخل عال مغطى بعقد ، وتحت القبة الكبرى التي تعلو وسط البناية ضريح
الأميرة ، وإلى جانبه ضريح زوجها ، وكلاهما مزخرف بالنقوش الكتابية ، ويعتبر أحد أروع آثار فن العمارة الإسلامية ، وقد استغرق إنجازه اثنتين وعشرين سنة ، ابتداء من
عام 1631 ، واشتغل في تشييده أكثر من عشرين ألف عامل ، ويُقال إنه كلّف خزانة شاه جهان أربعين مليون روبية ، ودفن زوجها شاه جهان بجوارها بعد وفاته .
تاج محل ، صرح يجسد قصة حب أسطورية خالدة عبر الزمن يزوره ما لا يقل عن ثلاثة ملايين شخص سنوياً ، إنه يجسد حياة امرأة ضربت أروع الأمثلة على الوفاء والإخلاص
فتفتحت لها أبواب التاريخ الواسعة وأصبحت سيرتها تتردد على الألسنة ، وصار ضريحها إحدى عجائب الدنيا السبع ، هي المرأة الهندية المسلمة التي رفعت من شأن نساء العالم
في ذلك الوقت ونجحت في إثبات أن العقل والعاطفة والعمل خطوطاً متساوية لا تناقض فيها على الإطلاق .
khalidmaaljanabi@yahoo.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat