صفحة الكاتب : علي علي

سبل أخرى".. ورقة ضغط جديدة
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   مقولة -هي في الأصل بيت للشاعر الفند الزماني- يضطر بعضنا الى ترديدها مجبرا، وهي تمتلك من الصحة قدرا ضئيلا يعتمد على غائية قائلها الآنية، وغرضه الذي ينشده من خلالها، تلك المقولة هي؛ "في الشر نجاة حين لاينجيك إحسان"..!
  ومن المؤكد أن من يستشهد بمقولة كهذه على استعداد تام لاتخاذ جانب الشر بكرة وأصيلا، مادام يوصله الى مبتغاه، ويلبي له طموحه، وينيله مطلبه، ويحقق مناه، وجانب الشر هذا مفتوحة أبوابه على مصاريعها، وكذاك جانب الخير فأبوابه هي الأخرى مشرعة أيضا لكل ساعٍ ومريد وقاصد، ولنا الخيار بين الإثنين، وقد قال تعالى: "إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا".
  ماذكرني ببيت الزماني واتخاذ بعضنا الشر مسلكا للنجاة حين لاينفع الإحسان، هو ماجاء في بيان كان قد صدر في اجتماع انتهى بجلسة اختتامية قبل أيام في إقليم كردستان العراق، أقامه رئيس حكومة الإقليم وحضره النواب الأكراد، إذ جاء فيه؛
"إذا لم تتوصل الحوارات والتفاهم إلى نتيجة، وإصرار الحكومة الاتحادية على موقفها بخرق قانون الموازنة وعدم إرسال المستحقات المالية للإقليم، ستضطر حكومة الإقليم باتخاذ "سبل أخرى" لمعالجة الأزمة المالية لإقليم كردستان بحسب قانون موازنة العراق وقوانين برلمان إقليم كردستان".
 "سبل أخرى"..! هي عبارة تبطن -فيما تبطنه من مفاهيم- نيات وغايات لطالما صرح بها القائمون على حكم محافظاتنا الشمالية بعد عام 1991، إذ مافتئ رئيس الإقليم ورئيس حكومته، ورؤساء الكتل الكردستانية -وأعضاؤها أيضا- يلوحون دوما في أكثر من مقام ومحفل باتخاذ "سبل أخرى"، وقطعا المقصود هو السبل المشروعة وغير المشروعة.. والمستساغة وغير المستساغة.. والمبررة وغير المبررة.. وكذلك الشريفة و "غير الشريفة". 
   أما الأولى -السبل غير المشروعة- فقد اتبعتها حكومة إقليمنا العراقي في تصرفها بخيرات العراق والعراقيين التي تختزنها أرضهم، والتي صارت تحت تصرف آل برزان بسبب طيش "القائد الضرورة" ورعونته التي أضاعت كثيرا من حقوق العباد، وبددت ثروات البلاد لاسيما بعد تسنمه الرئاسة عام 1979، وظل إرث ذاك الطيش وتركته الى يومنا هذا يدفع ثمنها أبناء البلد من لقمة حاضرهم، ومن آمال مستقبلهم. فقد باع الجانب الكردي نفط العراقيين من دون الارتكاز على قانون متفق على بنوده مسبقا، ومن دون الرجوع الى عرف تم اعتماده في تصدير النفط العراقي، فكان هذا السبيل واحدا من "سبل أخرى".
  وأما الثانية -السبل غير المستساغة- فقد دأب الجانب الكردي على السير والولوغ فيها دون مراعاة للمصالح المشتركة والتاريخ العريق الذي جمع الأكراد -وهم أقلية- مع أخوانهم العرب العراقيين، والأقليات من القوميات الأخرى الذين ظللهم سقف العراق، بجباله وسهوله وهضابه وصحاريه وأهواره قرونا عديدة، يوم لم يكن هناك فارق بين الجهات الأربع داخل العراق، حيث الشماليون متصاهرون مع الجنوبيين، والغربيون متناسبون مع الشرقيين، فكان الكل مع الكل في كل شيء وكل ظرف وكل حال يمر بها البلد. ولقد ضرب المسؤولون الأكراد كل هذه المعطيات عرض الحائط، وكان هذا واضحا وجليا في مشاركتهم وحضورهم جلسات مجلس النواب العراقي، إذ لطالما أخذت المشاركة الجانب السلبي، وذلك بإبدائهم الحجج غير المستساغة في هذا المشروع او ذاك القانون او تلك القراءة، بغية التأخير والتعقيد والتسويف لاغير، وماهذا إلا سبيل ثانٍ من "سبل أخرى".
   وأما الثالثة -السبل غير المبررة- فإن احتضان حكومة الإقليم الهاربين من قبضة العدالة، من الذين صدرت بحقهم مذكرات إلقاء قبض، او الذي حوكموا أحكاما غيابية بتهم إرهاب او فساد او تهم جنائية، فضلا عن المدانين الهاربين من القضاء، هو سبيل ثالث من "سبل أخرى"، وهو ماتمارسه حكومة الإقليم منذ تشكيل أول حكومة بعد عام 2003 حتى اللحظة.
  وأما الرابعة -السبل غير الشريفة- فأظن حكومة الإقليم لم تُبقِ إلاها سبيلا، وأظنها هي السبيل المقصود حصرا من "سبل أخرى" التي هددت باتباعها في اجتماعها المذكور، فما عسى أن تفعل بعد أن سلكت كل السبل وكانت كلها "غير شريفة"؟.
aliali6212g@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/08



كتابة تعليق لموضوع : سبل أخرى".. ورقة ضغط جديدة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net