فتوی السید السيستاني لم تتوقف عند الشيعة بل كانت لجميع المسلمين
حسين شمص

لم يكن المسلمون الشيعة في اي قطر من الاقطار العربية فئة منعزلة عن المكوّن الوطني العام، وكانوا دائماً جزء لا يتجزأ من اوطانهم بشجونها وهمومها ، بل منخرطين في كل المحطات الوطنية السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تمرّ بها بلادهم.

في الحقيقة لا يسعى المسلمون الشيعة بتاريخهم للسلطة ، بل المطلب هو الاصلاح الذي يمكن ان يُسمى اليوم العدالة الاجتماعية بكل نواحيها، وهذا التوجه لدى المسلمين الشيعة ليس منفصل عن الجذر الثقافي لائمة اهل البيت عليهم السلام ، الذين كان جلّ  مطلبهم الدائم هو الاصلاح .

ان جرى افراد الامثلة من لبنان الى العراق وايران والبحرين حتى الى اليمن،لا يملك المسلمون الشيعة مشروعاً سياسياً او مذهبيا او طائفياً خاصاً، بل يقدمون التضحيات ويبذلون الدماء والاموال والارزاق، وشكلوا طليعة الانتصارات في اوطانهم ( لبنان – انتصار المقاومة في لبنان عام 2000 وعام 2006 ) ( العراق- فتوى آية الله العظمى السيد علي السيستاني حول الحشد الشعبي الذي استطاع مع الجيش والعشائر استعادة وتطهير مدن وقرى هامة في مختلف المناطق العراقية)، كما انهم في طليعة المطالبين بالحقوق الوطنية وان قدموا لوحدهم التضحيات ( البحرين – وما يجري فيها من اعتقالات لكبار الشخصيات والناشطين وما يحصل من اعتداءات عليهم في الشارع ) (السعودية- وما يجري فيها من تفجيرات لمساجد الشيعة وحسينياتهم في المنطقة الشرقية التي تعالى أهلها على جرحهم وبرز سلوكهم العقلاني وطالبوا بقانون يجرم الطائفية) وفي التاريخ هناك شهادات وشواهد على سيرة الشيعة في اوطانهم .

المرجعية الاسلامية الشيعية عبر تاريخها ووقفاتها في القضايا الوطنية في اوطانها وعلى مستوى امتداداتها لم تتعاط مع المسلمين الشيعة على انهم مكون خاص في اوطانهم، بل طالما كانت تنظر الى المصالح الوطنية نظرة شاملة معمقة لا تنفصل وتؤكد باستمرارعلى الشراكة الوطنية في مختلف الميادين الوطنية، وللدلالة يمكن تقديم مثال واضح على رؤية المرجعية للاوضاع في السياسية والمشاركة الوطنية في العراق.

آية الله السيد علي السيستاني

وفي هذا الصدد كان سماحة آية الله السيد علي السيستاني قد اجاب على اسئلة فولكهارد فيندفور مراسل العالم العربي لمجلة دير شبيغل الالمانية حول بعض القضايا السياسية وغيرها في العراق نقتبس منها بما يعني الموضوع البحث اذ أجاب سماحته في ذلك التاريخ:

"إن الانتخابات هي الطريقة المثلى لتمكين الشعب العراقي من تشكيل حكومة ترعى مصالحه  وفي بلد مثل العراق متنوع الأعراق والطوائف لا يمكن تجاوز المحاصصات العرقية والطائفية في أية تشكيلة حكومية إلا بالرجوع إلى صناديق الاقتراع، ولكن إذا لم يكن يتيسر إجراء الانتخابات في المدة المتبقية إلى نهاية حزيران – وليس السبب وراء ذلك إلا مماطلة سلطة الاحتلال وتسويفها المستمر في اتخاذ الخطوات اللازمة لإعداد الانتخابات طوال الأشهر السابقة – فإنه لا بد من التأكيد على أمرين

اضاف سماحته في الاجوبة "إن القوى السياسية والاجتماعية العراقية ومعظم الشعب العراقي على وعي تام بمخاطر الانسياق وراء النعرات العرقية والطائفية ، ونحمد الله تبارك وتعالى انه لم تقع من الحوادث المؤسفة المسببّة عن ذلك في طوال الأشهر الماضية إلا النذر اليسير، وقد تعاون الجميع على تطويقها والحد من نتائجها السلبية  ان الأغلبية العددية لو تحققت لطائفة ما فهي لا تؤدي إلى بروز أغلبية سياسية له،فان من المتوقع أن يكون في كل طائفة اتجاهات سياسية مختلفة.

وفي جواب هام قال سماحته مبدأ الشورى والتعددية والتداول السلمي للسلطة في جنب مبدأ العدالة والمساواة بين أبناء البلد في الحقوق والواجبات، وحيث أن أغلبية الشعب العراقي من المسلمين فمن المؤكد أنهم سيختارون نظاما يحترم ثوابت الشريعة الإسلامية مع حماية الأقليات الدينية.

إن القوى السياسية والاجتماعية الرئيسة في العراق لا تدعو إلى قيام حكومة دينية ، بل إلى قيام نظام يحترم الثوابت الدينية للعراقيين ويعتمد مبدأ التعددية والعدالة والمساواة كما مرّ ، وقد سبق للمرجعية الدينية أن أوضحت أنها ليست معنية بتصدي الحوزة العلمية لممارسة العمل السياسي وأنها ترتأي لعلماء الدين أن ينأوا بأنفسهم عن تسلّم المناصب الحكومية.

إن أصل الفدرالية ونوعها المناسب للعراق مما يجب أن يقرره الشعب العراقي عبر ممثليه المنتخبين لمجلس كتابة الدستور، فعلى الجميع التريث وعدم البّت في الأمر إلى ذلك الحين.

وحول كتابة الدستور والاكراد قال سماحته ومن المؤكد أن ممثلي الشعب الكردي العزيز في مجلس كتابة الدستور سيتوصلون مع سائر إخوانهم العراقيين إلى صيغة مثلى تحفظ وحدة العراق كما تحفظ حقوق جميع أعراقه وقومياته."

الدكتور احمد موصللي استاذ العلوم السياسية في الجامعة الامريكية

الدكتور احمد موصللي استاذ العلوم السياسية في الجامعة الامريكية في بيروت قال  "لشفقنا" ان الممارسة الاسلامية الشيعية للسلطة اظهرت الى اليوم ادارة منطقية من خلال الدعوة لمشاركة الجميع في الحياة السياسية الوطنية بمختلف نواحيها، وهنا ونستدل على هذه الملاحظة من خلال فتوى المرجع الديني آية الله السيد علي السيستاني للجهاد الكفائي التي انتجت الحشد الشعبي وانجازاته، التي هي بنتائجها نتائج وطنية عراقية، وكذلك من خلال الضوابط التي دعا الحشد الشعبي للالتزام بها خلال الحرب.

اضاف الدكتور موصللي، وكون آية الله السيستاني مرجع اسلامي شيعي كبير، لم يتوقف عند الشيعة بل كانت فتاواه وطنية بأهدافها ونتائجها واعتقد انها كانت لجميع المسلمين، بل لجميع العراقيين،خصوصاً كما اشرت في ارشاداته لضبط بعض الممارسات العسكرية هنا او هناك.

وعلى صعيد الدعوة للمشاركة في الحياة السياسية الوطنية ، قال الدكتور موصللي ان قضية المشاركة السياسية في المشاركة في الحياة الوطنية، الى اليوم مارستها المرجعية الشيعية في العراق وايران او في لبنان او البحرين، من المنظار الوطني ، ويمكن الدلالة اكثر في العراق كون الاغلبية الشعبية من المسلمين الشيعة ورأس الحكومة ومكوناتها من المسلمين الشيعة، من هنا دعوات السيد السيستاني الموجهه الى الجميع للمشاركة في الانتخابات والشورى في الامر واحتضان الجميع، هي من صلب المفاهيم الاسلامية العامة، فكيف بنا ونحن جميعاً نواجه جماعات التكفير المنتشرة من حولنا، لذلك ان السيد السيستاني كمرجع كبير يقول لجميع العراقيين انخرطوا في الحياة السياسية الوطنية وفق معايير الدستور ورفض الاستئثار او اقصاء اي جهة، وهذا ينطبق على الممارسة الشيعية في الحكم في اكثر من منطقة جغرافية.

بناء على ما تقدم ان المسلمين الشيعة ليسوا جماعة متفردين بالحكم ولا سلطويين في اوطانهم ولا متسلطين في الحكم، بل جلّ ما يريدونه حيث ما يكونون مبدأ الحقوق والواجبات، مواطنون كغيرهم من ابناء اوطانهم، ليسوا من الدرجة الثانية، التي لا يقلونها على سواهم من شركائهم في الاوطان، هذا ما اكدت عليه مرجعيتهم وهو استمرار لتاريخهم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين شمص

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/25



كتابة تعليق لموضوع : فتوی السید السيستاني لم تتوقف عند الشيعة بل كانت لجميع المسلمين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net