صفحة الكاتب : باسل عباس خضير

ليس غريبا حين يقترب داعش من بغداد
باسل عباس خضير


هناك فرق كبير بين الإشاعة والتوقعات , فحين نستبعد التوقع المحتمل الحدوث أو حين نستبعد الخطر المؤكد عن الوقوع  فانه من اكبر الكذبات على النفس , وحين نهمل أحلام الدواعش في دخول بغداد ونقول إنهم لا يستطيعوا ذلك ولا نتخذ إجراءات حازمة للحؤول دون وقوع هذا الاحتمال فانه من أفدح الأخطاء , فشعار ( قادمون يا بغداد ) تم طرحه من قبل البعض  أثناء الاعتصامات , وبقي هذا الشعار كأمنية لداعش رغم انه تحول لمحل سخرية للبعض منذ ذلك الوقت ولغاية اليوم , وحين يدور الحديث عن مدى قدرة الكيان الداعشي على دخول بغداد على وفق الإمكانيات التي بات يمتلكها لأغراض الاستعراض أو دخولها من باب الاحتلال , فانك تسمع العديد من الأصوات التي تدعي باستحالة ذلك وان البعض يطمئنك بأنها مجرد إشاعات , ويأتيك البعض الآخر برأي غريب مفاده بان أمريكا لا تسمح بالدواعش بدخول بغداد , وحين تسأله عن السبب يدعون بان أمريكا من صنعته وتتحكم به وهي لا تسمح بذلك قط .
وبمناسبة الحديث عن الاحتمالات ووقوعها في الحروب , فان نسبة كبيرة من الآراء تصل إلى احتمال أكثر من 90% كانت تعتقد بان أمريكا سوف لا تضرب العراق بسبب دخوله الكويت سنة 1990 , واغلب الأعذار كانت ترجح بإن دخول الكويت قد تم باتفاق الإدارة الأمريكية مع النظام السابق , ورغم إن حقيقة وتفاصيل هذا الموضوع لم تتضح بعد , إلا أن النتيجة إن أمريكا شكلت تحالفا مع أكثر من 30 دولة لضرب العراق في عاصفة الصحراء , وبذلك لم تربح نظرية الاحتمالات حيث تغلبت نسبة اقل من 10% على النسبة الأخرى من الاحتمالات , وقبل 2003 عاش الكثيرون بحلم إن أمريكا لا تضرب العراق مرة أخرى , وقد تم بناء هذا الرأي على الاحتمال , لدرجة إن البعض ممن كانوا يعملون بما يسمى في القيادة , صرح بان نسبة ضرب أو عدم ضرب العراق هي 50% , وقد استطاعت أمريكا من دخول واحتلال العراق لان الجماعة اعتمدوا على الاحتمالات .
ولكي لا تتكرر الأخطاء ويعيش البعض في أحلام الاحتمالات , فان القضية اليوم لا تتحمل أي احتمال فهدف الدواعش هو دخول بغداد بأية طريقة ممكنة , وهذه الحقيقة يجب أخذها على محمل الجد والاهتمام بها وجعل العيون المحبة لبغداد والعراق ساهرة ليلا ونهار , ويجب أيضا عدم التعويل على الآراء والتوقعات الأمريكية لان البلد بلدنا والأمريكان لديهم الأعذار في تبرير أية خسارة للعراقيين , وفي هذه المرة قد أحضروا عذرهم فهم يرددون إن أي خروج عن النصائح و(الاستشارات ) الأمريكية هي التي تحدث الخسائر بالعراق , ونصائح الأمريكان ما هي إلا ( مجرد كلام ) فبعد التحالف الدولي الذي ضم أكثر من 62 دولة لم يقبض العراق سوى تقييدا في استخدام قواه الذاتية والتنصل عن تنفيذ اتفاقيات التسليح الموقعة معها والمدفوعة جزءا من أثمانها مقدما , وباجتماع عوامل الانقسام الداخلي والتنصل العربي عن تنفيذ أية التزامات , وتنوع التبريرات الأمريكية المليئة بالتنظير , تفتح مزيدا من الثغرات والابواب التي يمكن أن يستغلها الدواعش لإيقاع اكبر الخسائر بالعراق والعراقيين من خلال السعي لدخول بغداد . 
ودون أن يكون الغرض هو إثارة القلق للبغداديين , فان من المفترض أن يستثمر القلق بهدف إيجاد السبل الكفيلة لأية محاولة تعرض صغيرة كانت أو كبيرة , لبث اليأس والخوف في قلوب المعتدين وليس السكان , والخوف عندهم يتم من خلال الضرب بكل قوة وبيد من حديد , ويتطلب ذلك أن تكرس جزءا مهما من الإمكانيات لحماية بغداد من هجمات الدواعش حتى وان كان الموقف( جيدا جدا ) من وجهة نظر المعنيين , كما ويجب الاعتماد على مصادرنا المحلية في المعلومات وليس انتظار الإشارات من المصادر الأخرى , فالعيون والقلوب والصدور يجب أن تكون مفتوحة على احتمال تقرب العدو ورصد تحركاته  وليس على افتراضات مطمأنة أخرى وخارج الواقع , فالقضية لا تتحمل احتمالات ومجازفات , لان الانبار لا تشبه الموصل في الجغرافية والقرب عن بغداد , وفي أخطار بهذا المستوى في القرب من العدو فان القائد العام للقوات المسلحة بات يمتلك كامل التخويل الرسمي والشعبي في حماية بغداد , بما في ذلك تكليف الجيش والشرطة والحشد الشعبي وعموم المواطنين للقتال دفاعا عن بغداد , لان لبغداد معاني عميقة في الحفاظ على الوطن من السقوط , ومن المهم أيضا ضبط الإشاعة والاستخدام الوطني لوسائل الإعلام لكي تكون بغداد هي بداية النهاية أو النهاية الفعلية للدواعش , لا بالشعارات والأمنيات وإنما من خلال إثبات الوطنية بالقتال والتضحية والتوحد والترفع عن كل الخلافات .
باسل عباس خضير
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باسل عباس خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/20



كتابة تعليق لموضوع : ليس غريبا حين يقترب داعش من بغداد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net