بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله الاطهار.
الصلاة : لغة هي الدعاء، واصطلاحا هي هذه الصلاة المعروفة المتكونة من القيام والقراءة والركوع و السجود، وقد جُعلت مفتاحا لقبول الاعمال الصالحة، حيث جاء في الحديث الشريف : الصلاة عمود الدين ان قُبلت قُبل ما سواها وان رُدت رُد ما سواها، ثم ان الصلاة علامة صريحة واضحة على الخضوع والتذلل لله سبحانه لِما فيها من ركوع وسجود، وهذا الخضوع والسجود والتذلل الحاصل من الصلاة اذا تملك من الانسان فانه يبعده عن الظلم والكبر والطغيان، ولهذا جاء التأكيد والحث عليها.
ُثم ان من آثارها انها تنهى المصلي عن الفحشاء والمنكر، ويستعين بها المؤمن على نوائب الدهر، ويشكر الله بها على نعمائه، وهي ذكر لله سبحانه، الى غيرذلك في الدنيا والاخرة مما لا يمكن احصاؤه من فوائدها في الدنيا والاخرة.
ان من المُسلَّم به عند العقلاء ان أي مشروع كان سواء كان دنيويا-علمي-اقتصادي-ادبي-وغيره، او أخروي، فان هذا المشروع لايمكن ان ينمو ويتقدم الا اذا استند الى نظرية او فكر يضع له اسسه وقواعده التي يرتكز عليها، وهذه النظرية تقوم مقام الام الحنون بوليدها، تغذوه وترعاه وتدعمه وتصحح مساره، ولم يحدثنا التاريخ ولو لمرة واحدة، ان نظرية ما كانت في الضد للمشروع الذي جاءت من اجله، لاستحالة وجود مثل هذه الحالة عقلا، لانها من باب اجتماع النقيضين.
ان عنوان موضوعنا ( الصلاة خلف البر والفاجر) ظاهريا يبدو انه يخص الصلاة، ولذلك اشبعه علماء السنة شرحا وتوضيحا، وقد احصيت منهم (14) مصدرا من أمهات كتبهم تجيز الصلاة خلف البر والفاجر.
والبَر لغة: خلاف البحر وتُصوِّر منه التوسع فاشتُقَ منه البِر أي التوسع في فعل الخير، والبَر هو الشخص الصالح المطيع، اما الفاجر، فهو العاصي الفاسق.
وندرج الان المصادر ثم بعد نذكر الهدف الباطن المزعوم:
1-فتح الباري شرح صحيح البخاري/لابن حجرج3 باب اذا لم يتم الامام واتم من خلفه: يُصلون لكم -أئمة الصلاة- فان اصابوا فلكم ولهم وان أخطأوا فلكم وعليهم
2- فتح الباري /شرح ابن بطال ب2ج3 ص400: فيه الجواز كذلك.
3-سنن ابن ماجة/شرح مغلطاي ج2 ص271: جواز الصلاة خلف البر والفاجر.
4- سنن ابن ماجة/شرح مغلطاي باب ما يجب على الامام ج1ص1636
5- مشكاة المصابيح مع شرحه مرقاة المفاتيح ف3ج4ص159.
6- شرح ابي داود/ للعيني ب9 اذا اخر الامام الصلاةج2ص318.
7- الغُنية عن الكلام وأهله ب-لا تدخل الجنة بالعمل ج1ص59.
8- اعتقاد اهل السنة/شرح أصحاب الحديث ج1ص141.
9- شرح العقيدة الطحاوية/عبد العزيز الراجحي ج1ص270: هذه المسألة من أصول اهل السنة والجماعة، خلافا لاهل البدع والرافضة، فانهم لا يصلون خلف الفاجر ( انظر اصبح عدم الصلاة خلف الفاجر منقصة)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
10- مجموع الفتاوى لابن تيمية
11- مجموع فتاوى بن باز ج2ص113:
أ- يجب على المسلمين ان يختاروا للامامة من هو سليم من البدعة والفسق مرضي السيرة، لان الامامة أمانة عظيمة، القائم بها قدوة للمسلمين.
ب- اما في ص124 فقد جاء: ولان كثير من الصحابة صلوا خلف بعض الامراء المعروفين بالظلم والفسق ومنهم ابن عمر قد صلى خلف الحجاج وهو من اظلم الناس، وهذاهو القول الراجح وهو صحة امامته والصلاة خلفه.
12-مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين:
سؤال : هل تصح الصلاة خلف العاصي ؟
جواب : الصلاة خلف المسلم وان فعل بعض المعاصي جائزة وصحيحة، والراجح ان الصلاة خلف اهل الفسق جائزة (يُصلون لكم -أئمة الصلاة- فان اصابوا فلكم ولهم وان أخطأوا فلكم وعليهم- الحديث )، والصحابة كانوا يصلون خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون- الصلاة- كما كان ابن عمر وأنس يصليان خلف الحجاج وكذلك عبد الله بن مسعود كان يصلي خلف الوليد بن عتبة بن ابي معيط وهو يشرب الخمر؟؟؟!!!.
نكتفي بهذا القدر من المصادر ولنقف قليلا عند هذه المضامين
1- من هو الفاسق او الفاجر؟ ومن هو الذي عمل عملا فاسقا؟
ان من لديه ادنى معرفة باللغة العربية يُفرق بين من ارتكب معصية وبين من يرتكب المعاصي ويجاهر بها، بين من عمل فسقا وبين الفاسق، بين من شرب خمرا وبين شارب الخمر، بين من يصلي وبين مقيم الصلاة، ومَن مِن الناس مَن يَسلم من قول الغيبة مثلا التي يعتبرها الناس من فاكهة الحديث، وهي من الكبائر؟!، ولكن القول كل القول على مَن اشتهر اسمه وعلمه بين الناس بأنه رجل فاسق، حتى جاء اسمه في كتب التاريخ والحديث وغيرها، وهذا هو ما يهمنا الحديث عنه ، من منا مَن لا يخطيء والخطأ ضلال والضلال ذنب والذنب معصية، ان الفرق بين هذين الطرفين كبير وواسع، ولا يسلم الا المعصوم عن الخطأ والنسيان والضلال والسهو وغيرها.
ان من يذكر هذا العنوان ( الصلاة خلف البر والفاجر) من علماء السنة لا يقصد مطلقا أولئك الناس الذين صدرت منهم بعض المعاصي خلال حياتهم، هؤلاء العلماء ليسوا سُذّجا ، ابن حجر ليس ساذجا والطحاوي ليس ساذجا ومن المعاصرين ابن باز وابن عثيمين ليسوا سذّجا كذلك، ولكن الجميع يؤسسون لنظرية خاصة من شأنها ان تهدم الدين من خلال هدم هذا العمود-الصلاة- هذا على المعنى الظاهر كما اسلفنا، الشارع المقدس يؤسس نظرية لاقامة الدين، وهؤلاء يؤسسون لنظرية تهدم الدين !!! انظر المصدر رقم(11) الفقرة (أ) وانظر ماذا يقول ابن باز فيها ، ثم انظر الى الفقرة(ب) منه ، لقد نسف ابن باز ما قاله في الفقرة(أ) بالكامل ولم يدع منه شيئا، وهذا هو الذي يريدونه من ذكر هذا العنوان ، لقد قال : ان الصحابة صلوا خلف الامراء المعروفين بالظلم والفسق ، أي أولئك الذين اقترنت أسماؤهم بالمعاصي ، الذين أصبحت المعاصي من مَلَكات نفوسهم ، انظر الى هذا التأسيس وهذا الدعم اللامحدود لكل ظالم وفاسق ومجاهر بالرذيلة ، ولو توقفنا عند هذه النقطة لقلنا ان الطيور على اشكالها تقع ، ولكن الامر اكبر واعظم مما يمكن تصوره ، ا نهم يؤسسون الى كارثة فكرية تخص اهم مرتكز في الدين الإسلامي ، ألا وهو المرجعية الدينية – وهي النبوة والامامة – فقد قالوا قبلاً أن لا عصمة لنبيٍ قط ، ثم عادوا مضطرين فقالوا ان العصمة فقط في التبليغ ، ولم يلبثوا ان قدحوا فيها أيضا ( واما ما تقوله الرافضة من ان النبي(ص) قبل النبوة وبعدها لا يقع منه خطأ ولا ذنب صغير ، وكذلك ألائمة فهذا مما انفردوا به عن فرق الامة كلها ، وهو مخالف للكتاب والسنة واجماع السلف ( منهاج السنة/ ابن تيمية ج2ص338) ، وآية الغرانيق المشهورة خير دليل على ذلك ، واحاديث النسيان وكونه (ص) مسحورا لا يدري ماذا فعل وماذا قال ، هذه الاحاديث تملاء البخاري ؟؟؟!!!.
المرجعية والخلافة في الاسلام
قال سبحانه : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) البقرة 30
الخليفة او الشخص المستخلَف هو الشخص الذي يقوم مقام الذي استخلفه ، وبما ان المستخلِف هو الله جل شأنه ، فان آدم (ع) هو خليفة الله على الأرض ، والخليفة يحاكي المستخلِف كما يقال ، وبما ان الله سبحانه قد جعل هدف خلق الانسان والجن هو عبادته ، ولان عبادته سبحانه تحتاج الى بيان وتوضيح ، ولئلا يكون للناس على الله حجة ، ارسل اليهم انبيائه وأولهم هو آدم (ع) ، ومعنى ارسال الرسل والانبياء هو ان يكونوا مراجع يرجع اليهم الناس في مسيرتهم العبادية ، ولأجل ان يكون الانسان مرجعا للناس ، يجب ان يتصف بما هو اسمى واعلى درجة من درجات الكمال ، لئلا يدَّعِ مُدَّعٍ أنه افضل من هذا النبي ، من اجل ذلك نرى الله سبحانه قد ذكر في كتابه الكريم من صفات الاجتباء والاصطفاء والاختيار لانبيائه ورسله ، وامر الناس ان يتبعونهم في اقوالهم وافعالهم ، والآيات بهذا الخصوص كثيرة جدا ، وهذ يدل دلالة واضحة وصريحة على ان الله سبحانه قد اقام على نظرية عبادته خيرة خلقه وجعلهم مراجع للناس يثوبون اليهم ، ولنأخذ مثالا واحدا فقط هو خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد قال في حقه بهذا الخصوص :
1- وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم
2- وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) النجم
3- وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)الحج
4- وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) الحشر
5- قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) آل عمران
6- مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) النساء
7- فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) النساء
8- وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) النساء
9- يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ(170) النساء
10- واطيعوا الله واطيعوا الرسول(92) المائدة
11- مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99) المائدة
الى غير ذلك من الآيات الكريمة التي ترفع وتعظم من شأن المرجع الذي أُقيم للناس للصلاة وغيرها، لهذا السبب انتفض أعداء الإسلام من الداخل والخارج لتحطيم هذا الركن الأساسي الذي وضعه الله مرجعا .
المرجعية في الحياة العامة
لا يوجد موضوع في حياتنا الدنيوية الا وفيه مرجعية ، فالزراعة مثلا يرجع الناس فيها لاهل الخبرة ، وفي الطب أيضا فان الناس حريصون على ان يرجعوا لافضل الأطباء الاختصاص وينفرون من الطبيب الذي تشوبه شائبة ، بغض النظر عن صحة هذه الشائبة في مجال عمله ، وكذلك في جميع مجالات الحياة ، وسبب اهتمامنا هذا وشدة الحرص فيه يرجع الى ان الموضوع شديد القرب من حياتنا المادية التي نعيشها ، بينما نجد أئمة السوء يزيّنون للناس من أتباعهم ( الصلاة خلف البر والفاجر) ؟؟؟!!!
ونحن نسألهم : لو ان هذا الفاجر كان طبيبا او مدرسا او بائعا ، وان فجوره كما كان في دينه كان فاجرا في طبه وفي تدريسه وفي بيعه، فهل لديهم الجرأة على مراجعة هؤلاء ؟ كلا ابدا ، ولا احد يستطيع اقناعهم بمراجعة طبيب قد أخطأ في معالجة مريض مرة او مرتين فضلا عن مراجعة طبيب مشهور بالفشل كمثل ذاك الذي اشتهر عنه الفسق والفجور وا صبح يسمى فاسقا او فاجرا ، انظر كيف اصبح الموضوع اكثر حراجة عندما طبقناه على حياتنا المادية ، فنحن عندما نصر على مراجعة طبيب فاشل فهذا يدل دلالة صريحة على العمل على انهاء حياتنا ؟؟؟!!!
وهذا بالضبط ما يحصل عندما يصر أولئك على جواز الصلاة خلف الفاجر ، انهم يريدون ان يوصلوا رسالة مفادها : ان الامامة شيء تافه ، بحيث يصح الرجوع الى الفاسق والفاجر والبر والصالح سواء بسواء ؟؟؟!!! النبي (ص) امام ومرجع ، وهذا الفاسق الحجاج و الوليد بن ابي معيط أيضا أئمة ومراجع سواء بسواء ، انه نفس العداء الذي قابلوا به رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته ، اكملوه واشبعوه فلسفة وتفصيلا بعد مماته (ص) ، انه عداء للدين عداء للاسلام عداء لله سبحانه ، ولقد طعنوا في قيادة رسول الله(ص) في حياته عندما قالوا كما جاء في القرآن { يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا }154 آل عمران .الله سبحانه يجعل الامامة شيء مقدس ، لقد اختار النبي العظيم إبراهيم (ع) وهيأ له بداية حياته ثم جعله رسولا ثم امتحنه امتحانات شديدة { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ } البقرة 124، فقد واجه قومه الكفار وحاججهم وبعد ذلك أُبتُلي بالاحراق بالنار ، والامتحان الأخير بعد ان كان محروما من الذرية ، أعطاه سبحانه الذرية ، ثم أمره ان يذبح ولده ؟؟؟!!! فلما وفّى واجتاز الامتحان بنجاح جاءته البشرى { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) البقرة ، بعد النبوة والرسالة والخلة وفي نهاية حياته (ع) ، مُنح شرف الامامة ؟؟؟!!! انظر كم هي عظيمة مرتبة الامامة وماذا يُراد منها { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) }الأنبياء .
نحن لا نريد ان نتكلم هنا عن الامامة العامة للانبياء والأئمة ، فكما يقال في حق الرعاية ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ) كذلك يقال الأب امام في بيته وفي عائلته والمعلم امام في مدرسته ، كذلك امام الصلاة ، فنحن اذا اردنا عائلة كريمة شريفة ، علينا ان نقدم لها أبا صالحا ، واذا اردنا مدرسة وتلاميذ سائرون على الطريق الصحيح ، علينا ان نقدم لهم معلما مخلصا ، إذاً كيف نواجه رب العباد ونحن نقدم شكرنا له – والعبادة والصلاة هي شكر للمنعم وهو الله سبحانه – وهي بضاعة العبد ومعراجه ، كيف بنا ونحن نذهب بهديتنا المزجاة يقودها فاجر فاسق ؟؟؟!!!، هل يقبل العقل السليم ان احد منا يرسل هدية الى ملك من ملوك الدنيا بيد رجل مخبول مختل العقل ( وهل الفاسق الفاجر الا مختل العقل ) ممزق الثياب ؟ هل يقبل العقل السليم ذلك ؟
اننا اردنا الذهاب الى مديرية صغيرة ومقابلة مديرها ، نلبس احسن ثيابنا ونحاول الظهور بمظهر لائق ، ولا ادري ، من جانب { يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ }31 الأعراف وتُفسر الزينة بالهندام والملابس النظيفة ، ومن جانب آخر امام الصلاة فاسق فاجر ؟؟؟!!! ، ما هذا التناقض ؟ نظافة خارجية وقذارة باطنية ؟؟؟!!! .
كلا انهم لا يقصدون هذا ، بل يقصدون ان يوصلوا رسالتهم الهدّامة : بان الموضوع كله تافه ، الصلاة تافهة؟؟؟ ان الانسان اذا اعتنى بشيء هيأ له كل ما يلزمه من مقدمات ويحفه بكل ما يستحقه من احترام ، بينما اذا اهمل شيئا واحتقره لا يهمه باي شكل يظهر ؟؟؟!!!
إذاً الهدف الحقيقي وراء هذا الحديث ( الصلاة خلف البر والفاجر) او الفتوى هو ان يقولوا ان الامامة العامة، وهي امامة الأنبياء والأئمة (ع) ليست بشيء ، فالانبياء لديهم أخطاء ومعاصي ، وأيضا أئمة الصلاة هم فجار فساق ؟؟؟!!! والعاقل من إتعظ { فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) } الزمر .
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أئمة الهدى
محمد وآله الطيبين الطاهرين
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat