صفحة الكاتب : غسان الكاتب

اكثر من جاكسون في العراق
غسان الكاتب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم يكن فوز الرئيس اندرو جاكسون سابع رؤساء الولايات المتحدة بالانتخابات عام ١٨٢٩حدثا عاديا ، بل بالعكس سعى الرجل العسكري العنيد الى رد الجميل سريعا لناخبيه من اعضاء حزبه فقرر تعيينهم جميعا في المناصب الادارية بدلا من شاغليها الاصليين.. فاوجد بعمله هذا ما يسميه علماء السياسات العامة بنظام الربط او الغنائم الذي يقوم على الربط بين الادارة السياسية والادارة التنفيذية.

وقد ادى تطبيق هذا النظام الى تغييرات مهمة وجوهرية على الصعيد السياسي والمجتمعي والخدمي في الولايات المتحدة آنذاك ، وبالشكل التالي:

انشقاق الحزب الحاكم وتصارع تيارين داخله بين مؤيد ورافض ، وهو ما ادى الى ظهور نظام الحزبين الجمهوري والديمقراطي فيما بعد ، والاخير اسسه جاكسون.

احداث شرخ كبير في المجتمع الامريكي اذكى من خلاله الاقصاء واستئثار انصار جاكسون بالمناصب روح التعصب بين المؤيدين والرافضين لهذا النظام.

تلكؤ الادارة التنفيذية نتيجة الخلافات السياسية اولا؛ جهل شاغلي الخدمة العامة الجدد بمفاهيمها ثانيا؛ وتراجع الخدمات ثالثا ، ما انعكس ذلك سلبا على المجتمع والاوضاع الاقتصادية والحياة اليومية عموما وعلى المواطن الامريكي خصوصا.  

واذا كانت خطوات الرئيس جاكسون وتعصبه الى اعضاء حزبه وتحويل المؤسسات العامة غنيمة لهم على حساب الآخرين تسمى اليوم الجاكسونية ، فإنها اقرب ما تكون الى المحاصصة الحزبية والطائفية المطبقة في العراق منذ ٢٠٠٣ ، فكل من يستلم وظيفة عامة او يستوزر او يتولى رئاسة معينة يتجه قبل كل شيء الى توظيف كافة الامكانيات لخدمته شخصيا والى تعيين اقاربه اولا وابناء عشيرته او قوميته او طائفته ثانيا واعضاء حزبه ثالثا ، ولا ينظر الى المواطنين من كفاءات وخريجين جدد بل يترك ذلك الى السياقات والضوابط التي لا تراهم بل ترى مبالغ الرشوة والفساد التي تؤهلهم لتبوأ اي وظيفة صغيرة كانت ام هامشية.

واذا كانت الدول اليوم تصنف بمقدار ما تقدمه من خدمات لمواطنيها بين دولة خدمات ودولة رفاهية وتتسابق في اجتذاب الكفاءات وتقديم التسهيلات لهم من ابناء مواطنيهم وحتى من الاجانب ، فإننا ما زلنا في اطار الدولة الحارسة او دولة الحماية التي سادت في القرون الوسطى والتي لا تقدم شيئا يذكر من خدمات لمواطنيها سوى الحماية من الاعتداءات الخارجية ، ولا تعمل على اجتذاب الكفاءات بل الى توفير اسباب هجرتهم او حتى طردهم. ولكي لا نظلم مؤسساتنا الخدمية لاننا نتلقى خدمات نسبية في مراكز المدن ، اما في اطرافها والقرى والارياف فلا وجود لاية خدمات ممكن ان تسمى اساسية.

واذا كان الرئيس الامريكي التاسع هنري قد قضى على الجاكسونية عندما سرح كل من توظف على اسس حزبية ووضع مباديء ومعايير جديدة للخدمة العامة تشمل الجميع ممن يكون صالحا لها دون النظر الى انتمائه الحزبي ، فان العراق لن يرى هذه الخطوة في ظل الظروف الحالية ، ليس لان لا هنري لدينا بل لوجود.. اكثر من جاكسون.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غسان الكاتب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/09



كتابة تعليق لموضوع : اكثر من جاكسون في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net