عيدُ الغديرِ منعطفٌ لمنهجِ الحقِّ
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

إنَّ (عيدَ الغديرِ حَدَثٌ إلهيٌّ لإكمالِ الرسالةِ السماوية) ، وحقيقٌ بي أن أتناولَ هذا المطلبَ من زاويةِ الدلالةِ اللغويةِ العميقة ، ليتبيَّنَ أنَّ من دلالاتِ كلمةِ (الغدير) : أنها قِطعةُ الماءِ التي غادرها السيلُ. أي: أنَّ (الغديرَ) هو بقيةُ سيلٍ مرَّ وجرى على أرضٍ ، فسقاها ورعاها وجعلها خضِرةً نضِرة.
ولو استجلينا سرَّ هذه التسمية ، وعلاقتَها ببيعةِ التنصيبِ للإمامِ عليٍّ (عليه السلام) بأنه: (أميرُ المؤمنين) و (خليفةُ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ) و (وزيرُه) و (وصيُّه) و (حاملُ سرِّه) و (المقاتلُ على تأويل القرآنِ) و (قائدُ الأمةِ والخلائقِ من بعدِه) ، وسرَّ وقوعِ هذه البيعةِ في منطقةِ (غدير خُم) لاستنتجنا الآتي:
إنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو الرحمةٌ للعالمين بلا استثناء - هو السيلُ الذي بعثه اللهُ تعالى ليُنقذَ (الخلائقَ من ظمئِها ، والبلادَ من جفافِها) ، فلمَّا اكتمل السقْيُ ورَوِيَ الكلُّ بـ(إكمالِ الدينِ ، وإتمامِ النعمة) بـ(تبليغِ رسالةِ ربِّ العالمين) ، رحل النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الرفيق الأعلى ، وقبل هذا الرحيل جاء الأمرُ الإلهيُّ بأنْ يَترُكَ النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من يسقِي الأمةَ والخلائقَ بعده فيُذهِبَ ظمأَها ... وهذا الأمرُ خَصَّ الإمامَ عليًا (عليه السلام) ، فكان هو القطعةَ الساقيةَ والناجعةَ من ذلك السيل ، أي أنَّ الإمامَ عليًا (عليه السلام) هو قطعةُ (الغدير) التي بقيت من ذلك السيلِ الساقي بالرحمة والخير... ولا يصِحُّ أنْ يكونَ الغديرُ نافعًا ساقيًا إلا إذا كان مصدرُه الأولُ نافعًا ساقيًا أصلاً... فلا يؤخذُ السقيُ إلا من هذا الغديرِ. والأخذُ من غيره ضررٌ لا نفعَ معه البتة.
ومن هذا نعتقدُ أنَّ الرسالةَ الغديريةَ تقول: أيُّها الخلائقُ الذين آمنوا بالنبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذوا عنه واستَقوا منه: إنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد رحل ، فدونكم الذي بقيَ منه بين ظهرانَيكم ، وهو الإمامُ عليٌّ (غديرُه الباقي بعده) ، وليس في الخليقةِ من هو جزءٌ من النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) غيرَه ، ممن يأتي بعده منزلةً ومكانة. فإذا أردتُم الأخذَ عن نبيِّ الإسلام لحياتِكم ولآخرتِكم ... فإنه قد رحل ، ولكنه ترك وصيًا عنه بعده - من هو جزءٌ منه ، كما أنَّ الغديرَ جزءٌ من السيل الذاهب - وهو الإمامُ عليٌّ (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ الحسنُِ (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ الحسينُ (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ السجادُ (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ الباقرُ (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ الكاظمُ (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ الرضا (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ الجوادُ (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ الهادي (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ العسكريُّ (عليه السلام) ، الذي صار هو - أيضًا - سيلاً ، وذهب فترك غديرًا بعده هو الإمامُ الحجةُ المنتظَرُ الذي نستشرفُ طلعتَه العظمى ليسقيَ ظمأنا ، وينصُرَ كلمةَ اللهِ العليا ، ويدحرَ كلمةَ الشيطان السفلى.
اللهمَّ أنت خيرُ الشاهدين ، فاشهدْ لنا بما هو ذخرٌ لنا يومَ لا ينفعُ مالٌ ، ولا بنونَ إلاَّ من أتى اللهَ بقلبٍ سليم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat