صفحة الكاتب : الشيخ جميل مانع البزوني

كلية الفقه من الاصالة الى التعدد
الشيخ جميل مانع البزوني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كان العلامة المظفر من علماء الشيعة الممارسين للعمل الاداري في شتى الميادين وكان معروفا بصرامته في هذا المجال حتى اصبح مضرب الامثال في ذلك بل وصل الامر الى حد التفكه .
واراد هذا العالم الكبير ان يؤسس لمدرسة دينية تعتمد على اسلوب الدرس الاكاديمي من حيث الشكل مع المحافظة على المضمون من اجل تحسين اداء الدرس الحوزوي وجعله متناسبا مع متطلبات العصر ومتغيراته .
     وبدا العمل على وضع برنامج عمل في هذا الصدد الى ان تم له فعلا القيام بذلك العمل الا انه لم يتمه الى الاخر حيث ان البدء بمثل هذا العمل في جو النجف في ذلك الوقت كان يعتبر انتحارا حقيقيا بالنسبة لعالم كبير مثل العلامة المظفر المنحدر من عائلة كان لها الاثر الكبير في بداية القرن العشرين عندما برز عالمان من هذه العائلة ووصلا الى حد المرجعية العليا الان زهدهما في هذا المقام جعل منهما مضربا للمثل حتى سمي احدهما بابي ذر لشده زهده بهذه المناصب .
       وقد كانت التجربة التي بدات بشكل بسيط جدا ومقيد قد لاقت العديد من الصعوبات لانها كانت فريدة في وقتها ولم يكن العلامة المظفر من الاشخاص المهتمين بالجانب الاجتماعي عندما خاض غمار هذه التجربة وهو يعلم ان سمعة عائلته ستكون على المحك وهو امر طبيعي ومتوقع نتيجة حداثة مثل هذا المشروع في تلك الحقبة الزمنية التي ما كانت معتادة على مثل هذه المشاريع العلمية وبهذا الاسلوب المختلف .
       وكان العدد الاكبر من المساهمين الحضور ضمن التجربة الاولى لهذه الجامعة العريقة شخصيات توزن اسماؤها بالذهب لانها اثبتت بعد ذلك ان الخوض في هذه التجربة لم يكن امرا عابرا ولايستحق المخاطرة بل كان امرا مدروسا ومنتجا للاثار الايجابية على مستوى المشروع من الناحية الادارية ومن الناحية العلمية ايضا .  
     وبالرغم من حداثة هذه التجربة وغرابتها في ذلك الزمن فانها لم تكد تستقر على الارض حتى بدات في الانتاج على مستوى طباعة المنشورات الخاصة وعلى مستوى تاليف الكتب الخاصة وعلى مستوى تطوير الامكانات الخاصة بالطلبة المنتمين الى هذه الجامعة وهذا الامر ظهر بوضوح بعد اول تجربة تخرجت من هذه الجامعة .
وقد كان المؤسس للجامعة يعلم ان الحفاظ على الاسس العلمية الرصينة في الدراسة في هذا المشروع سيؤدي الى ان تتقبل الاوساط الحوزوية هذه التجربة وتحتضمن جميع الاشخاص المشاركين فيها عند الوصول الى الدراسات التخصصية في البحث الفقهي والاصولي وهذا ما كان فعلا .
    وكانت المرجعية الدينية من اوائل المرحبين بهذه المشاريع حتى ان احد كبار العلماء عندما سال المرجع الاعلى عن دور الحوزة في تطوير شخصية الشيخ المظفر قال له بالحرف ان الشيخ المظفر طور نفسه بنفسه ولم يكن للحوزة فضل عليه فقد كان شخصا مميزا واستحق ان يشار اليه بالبنان لانه تكفل بتطوير اوضاعه من دون ان تتدخل الحوزة في ذلك وانه يؤيد كل اعماله التي قام بها ولا يعتبر نفسه متفضلا في ذلك ابدا .
     وقد لاقى هذا المشروع كثيرا من الصعوبات الامنية من قبل مختلف الرؤساء الذين مروا على العراق وذلك لان الشباب الذي جاء من لبنان وغيرها من الدول كان يحب ان ينخرط في هذه الجامعة وياخذ الدروس فيها حتى ظهر بعد ذلك للعيان كيف ان عددا من هؤلاء الطلبة كانت لهم ميول سياسية بعيدا عن السلطة وانتبهت السلطة لذلك بالرغم من حفاظ الجامعة على خطها الواضح في التعليم بعيدا عن كل هذا المفاصل الشائكة.
الا ان هذا المشروع بالرغم من حرص القائمين عليه على عدم سجه في اتون الاوضاع العامة لم يسلم من ايدي السلطة الغاشمة حتى وصل الامر الى التدخل في كيفية القبول فيه بعد اخضاعه للقوانين الرسمية ثم عمدت السلطة الى الغاء المشروع فعلا بعد احداث بداية التسعين من القرن الماضي ثم اعيدت مع التقييد الشديد وكانها اعيدت ميتة .
وبالرغم من كل هذا البلاء الذي اصاب المشروع فقد عادت الجامعة الى سابق عهدها وان كانت الاوضاع الدراسية قد تبدلت كثيرا نتيجة التطور العلمي واختلاف الرؤية في العمل التعليمي ولكن مما يؤسف له ان الاعادة كانت على مضض لان هناك من كان يرغب في اعادة الجامعة بصيغة اخرى وهناك من يريد اعادتها كارث عائلي والنتيجة انها اعيدت في وضعين مختلفين وفي مكانين مستقلين ولهدفين مختلفين ونرجو ان يلتفت الجميع ان الهدف منها ليس مجرد الانتساب الى مشروع الشيخ المظفر العظيم او الانتساب الى عائلته التي ابتعدت ثم عادت وانما المساهمة في بناء صرح علمي ساهم سابقا ومن المهم جدا ان يساهم الان في رفد طلاب العلم بالمزيد من الطلبة الدارسين للعلوم الشرعية بالطريقة الاكاديمية ومن خلال النظر الى الاوضاع الحالية يبدو بان الناتج الحقيقي لهذا المشروع قد مر زمانه في الستينات والسبعينات وان الناتج الان لا يكاد يصل الى نصف المستوى المطلوب من مشروع الشيخ المظفر ولعل المنافسة التي دخلت على الخط وتحول الانتماء اليه بشكل تجاري ساهم في تقليل الامل المنشود من هذا المشروع بالرغم من توفر جميع الامكانيات المتاحة امام تطويره للمساهمة في الحقل التعلمي بصورة كبيرة وهذا هو حلم الشيخ المظفر الذي لا يبدو انه قريب المنال .   

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ جميل مانع البزوني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/04



كتابة تعليق لموضوع : كلية الفقه من الاصالة الى التعدد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net