فوضى الثقافة في العراق

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كل مجال له نظام ، كما يجتاح كل مجال فوضى حينما تغير المعادلة في تنظيم العمل في إطار ذلك المجال ، وهكذا تحل الفوضى العارمة لأي مجتمع لا يعتمد على تجارب الذين سبقوه ويعتبر من جيدها ويحذر من سيئها ، لان التاريخ يعيد نفسه ،وعلى الإنسان السوي ان يحلل تلك المواقف ويعيد صياغة الخطاب الحالي وفق ما تتطلبه المرحلة الذي يجب ان تتيح ممارسة العدالة على كل الإفراد الداخلين في شتى المجالات ، وهنا تكمن أهمية قراءة التاريخ واستدعاء مواقفه ليكون حاضراً معنا في اللحظة الانية، نستكشف أغواره ونستمع لعوالمه المختلفة ونبحث عن خطايا السابقين الذين غادروا تاركين بصمة او وصمة سلبية ، ومن هنا نستكشف  أهمية قراءة الواقع الثقافي اليوم الذي يمر بأزمة عصية حتى على المثقف الذي بدا وكأنه مغترب داخل وطنه ،وثمة من غادر جسدا وروحا خارج اسوار الوطن بعد ان رأى ان خير من يحتضن إبداعه ( بالنسبة له على الاقل) هي الدول الاخرى التي تسابقت لضم المثقفين العراقيين ، فترى الفنان العراقي يعمل في الدراما الخليجية مثلاً وقد هجر الدراما العراقية لانه استقر كلياً هناك ، وترى الصحفي والإعلامي يعمل في مؤسسات عربية ، وكذا امتد الامر للشعراء وأساتذة الجامعات الذين باتوا يكرسون خدماتهم لصالح المؤسسات الثقافية العربية ...وهنا يأتي السؤال؟ اين تكمن المشكلة؟ وربما السؤال ليس بالصعب ويوضح وجه القصور حاصلاً في مفاصل الدولة ومنها بالتأكيد المؤسسات الثقافية التي هي الأخرى مركونة بلا التفاته من قبل الدولة نفسها ...!! وهذه الجدلية جعلت التصعيد والتضييق يصل الى اوجه مع المثقف العراقي وبات الكثير منهم يفضل الغربة على العمل في المؤسسات الثقافية البالية في العراق ، وربما على هذا النحو تزلف من تزلف الى المفاصل الثقافية ونصب من نفسه مسؤولاً للثقافة فيها ، ومنها اتضح الخطاب الثقافي الهش والضعيف الذي يجريه هؤلاء الذين لا يمتون للثقافة بصلة لأنهم من وادي أخر ؛ هؤلاء إنصاف المثقفين لم يكتفوا بهذا بل ملئوا الدنيا بضجيجهم الإعلامي وهرجهم في المهرجانات فهم يتسابقون على الظهور على شاشات التلفاز ظنا منهم ان هذا من سيحقق مجدهم ، وبدت على هذا المنوال المؤسسة الثقافية متثاقلة لا تحمل عبء المبدع والمثقف داخل أسوارها ، وبدأت تستبدله بأخر مزيف ( تمشية أمور أو محاصصة) فابتعد شعراء عن منصات القراءة وجيء بآخرين إنصاف شعراء أو أرباع شعراء بالأحرى ليزعقوا على المنصات مثيرين غثيان الحضور من الجمهور ، نعم هكذا حصلت المعادلة وبصورة كبيرة،مع الجامعات كذلك التي استبدلت كفاءات عالية بإنصاف أساتذة لا يجيدون غير ( التلقين الببغائي) . فكل الدول والبلدان والأمم والشعوب تفخر بمبدعيها وتقدمهم للآخرين من الاغيار لان الشعوب تعرف بثقافاتها ورقيها المعرفي والأدبي والفني ، لكن في العراق بات المثقف يعاني الاغتراب داخل وخارج اسوار الوطن،والأدهى ان جزء كبير قد كسر عزيمته هذا المشهد فاسلم وترك الحبل على الغارب لتدار الندوات والمؤتمرات والجلسات من إنصاف المثقفين !!!! لتحل الفوضى وتصدر عشرات الكتب وتتصدر أسماء الصحف وتظهر صور يومية على شاشات التلفاز ، ويجنى على الثقافة وتذبح امام مرأى ومسمع الجميع ؟؟ ولا احد يتكلم وان تكلم فصوته وئيد لا يكاد يسمعه العالم !!!! فمتى يقول المثقف العراقي قولته على الساحة ؟!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/15



كتابة تعليق لموضوع : فوضى الثقافة في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net