قالت الادارة الاميركية سننهي سحب كامل قواتنا بحلول نهاية العام الحالي ، لكن
سنبقي على عدد محدود لاغراض الدعم ألأمني وماشابه ذلك ، اذن ماذا قال الاميركان ؟
هل قالوا سننسحب من خلال تصريحاتهم ؟ أم قالوا سنبقى ؟ انهم قالوا سنبقى ، قالوا
سنبقى نجثم على صدوركم الى أجل غير مسمى ، اذن ستبقى كلماتنا شجية شهقى تحمل معها
الحسرات ، وسيبقى قطار الحزن يستقله الفقراء والشرًد الجياع ، وسيبقى الليل بوحشته
يخيٍم فوق البلاد ، وحين نسأل ، متى سينجلي الليل ؟ سيكون الجواب ، هنا سكن الليل
دون رحيل ، ايه بغداد أشعر أن عظامي تحرقُ في مواقد الهجير ، أشعر اني اناديكِ من
خلف جدارٍ كبير ، جدار يعلو حيث يدلهٍمُ المصير ، هل سأفتح نافذتي يوما للضياء ؟
وارى كل الاشياء تمرُّ كلمحِ البرقِ بنافذتي ، وعيوني غارقة في بحرِ الضوءِ الدافق
ملء دمي ، أم سيبقى الحال ضمن نطاق ألأماني بعيدة المنال ؟ ياعراق الحضارات ، قالوا
سنبقى ، وهذا يعني اننا سوف لاننتظر ان يولد الفجر من جديد ، ولاننتظر صياح الديك
حين يسبٍحُ بحمد ربه العظيم ، ولاصوت ألأم حين تلالي للرضيع حين يصحو وهي لازالت
تشتاق لأغفاءة الفجر كأنها تطلب منه أن ينام ، سيبقى نداء الهوى المحزون يوقظ فينا
تلك المآسي وأصوات سلاسل الحديد ، حين كانت ترنٌ في تلك الساعة من الليل ، وذكريات
القابعين خلف غياهب السجون ، والذين ارسلوا عنوة الى الحفر الباردة ، ايه بغداد انا
ابكي من القلب بعدما عزً دمع العين ، ايه بغداد لاتعجبي ، فماذا ننتظر من بحيرات
الصديد ؟ أو ماذا سيأتينا من بحر الجليد ؟ أنظري تلك أحلامنا أمست ضريرة ، ولانعلم
متى سيبصر ذاك الحلم الضرير ؟ ايه بغداد ، هل تسمعين صرخات ألايتام ؟ هل تسمعين صدى
صوت كل الصبية المحرومين ؟ ايه بغداد الليل صار هنا ظِلٌّ متروك ، تتقاذفهُ الاعين
المتعبة فوق الاطلال ، يعيا بها المكدود ، لاأنيس له سوى اصوات الريح المحمومة ،
كأنها شهقات الانفاس المكتومة ، هنا آثار دمُ الراحلين الاخيارِ ، وما شُرِّّد مِن
الصغارِ ، ومن هناك صوت كل المغتربين ينادي لكن لا أحد يسمع النداء ، صوتهم ينادي
بعدما صارت منازلهم مقفرة ، ودعتها ألأطياف والظلمات على جدرانها سوادٌ دائم ،
أتسمعين نداء من اغتربوا يابغداد ؟ حين يلجّ ُبهِ الحنين الى الاحباب ، الى الاهل
والاصحاب ، حين ذاك تموت الاصداء ، في طريق ضلت به ِقواِفّلُ المساء ، ولاتعلم من
أين السبيل ؟ هل ستوقدين لهم شمعة في تلك الظلمة ؟ انهم عصافير تحطٌ على اغصان
الليل في سماء منذرة بعاصفة هوجاء ، تشدها احزان الاطفال الباكين ، فالجرح قديم
وعميق يابغداد ، قالوا سنبقى ، اذن سنبقى نبصرُ تلك العتمةِ الســـوداء ، تمتدُ من
الشمال وحتى الجنوب ، أيّ ُبلوى , واي هموم ٍتتخفى لاختراق ِ اجسادنا ، احلامنا ،
امانينا ، سيبقى الراعي شارد الذهن ، يَرْقبُ القطيع في الحلّ ِوالترحالْ ، ايه
بغداد ، دُموعنا , نزيف دِمائنا جراحنا وقد فاقت حد الاحتمال ، تقولين الصبر ،
ووالله جاوزنا صبر ايوب ، جاوزنا صبر الجمل الذي حملَ في أحشائه مخرزه ، قالوا
سنبقى ، اذن سيبقى يؤرجحنا ظلام الشرق الدائم ، ستبقى ايدينا ممتدة تحاول ان تتعلق
بالمستقبل ، ونبقى نعشق بعدما اغلقت الابواب على الحب ، سنبقى نعشق رغم السجن ورغم
السجان ، وسيبقى وجهك يابغداد احلى واجمل من كل ألأقمار ، حين تنسدل السحب لثاما
عليه ويغدو كنخلة في صحراء عربية ، سنعشق رغم ألأسى دون أن نبالي بحجم المأساة ،
وستبقى انت عشقنا الذي لاينتهي ياعراق .
khalidmaaljanabi@yahii.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat